عصر الدولة الحديثة في مصر القديمة

تعريف

Joshua J. Mark
بواسطة ، تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael
نُشر في 07 October 2016
طباعة المقالة
Amun, Ramesses II, & Mut (by Mark Cartwright, CC BY-NC-SA)
الإله أمون والإلهة موت والملك رمسيس الثاني
Mark Cartwright (CC BY-NC-SA)

الدولة الحديثة (حوالي 1570 - 1069 ق.م) هي عصر في التاريخ المصري أعقب تفكك عصر الاضمحلال الثاني (حوالي 1782-1570 ق.م)، وسبق حل الحكومة المركزية في بداية العصر الوسيط الثالث (حوالي 1069 - 525 ق.م)، ويعد هذا العصر هو عصر تكوين الإمبراطورية المصرية.

عصر الدولة الحديثة هو الأكثر شهرة في التاريخ المصري في الوقت الحاضر لوجود أشهر فراعنة الأسرة الثامنة عشر مثل: حتشبسوت وتحتمس الثالث وتحتمس الثالث وأمنحتب الثالث وأخناتون وزوجته نفرتيتي وتوت عنخ آمون، وفراعنة الأسرة التاسعة عشر مثل: سيتي الأول ورمسيس الثاني (العظيم) ومرنبتاح، وفراعنة الأسرة العشرين مثل: رمسيس الثالث.

عُرف هؤلاء الملوك المصريون في عهد الدولة الحديثة باسم "الفراعنة"، وتعني "البيت الكبير"، وهي الكلمة اليونانية التي كانت تُطلق على "بر - عا" المصرية، وهي تسمية المقر الملكي. كان الملوك المصريون قبل عصر الدولة الحديثة، يُعرفون ببساطة باسم "الملوك" ويخاطبون بـ "أصاحب الجلالة"، وحقيقة أن كلمة "فرعون" تُستخدم عادةً للإشارة إلى أي حاكم مصري من أي عصر تشهد على تأثير الدولة الحديثة على فهم التاريخ المصري في العصر الحديث.

يعد عصر الدولة الحديثة الأكثر توثيقًا في التاريخ المصري. اتسع نطاق الثَقَافَة خلال الدولة الوسطى (2040-1782 ق.م) وعصر الاضمحلال الثاني؛ بحيث أنه بحلول عصر الدولة الحديثة، كان المزيد من الناس يكتبون ويرسلون الرسائل، علاوة على ذلك، كانت مصر الآن على اتصال مع القوى الأجنبية الأخرى عن طريق العلاقات الدبلوماسية والتجارة، الأمر الذي استلزم كتابة العقود والمعاهدات والرسائل بين الملوك وفواتير البيع، كما تطلبت إدارة الإمبراطورية أيضًا شبكة بيروقراطية كبيرة أنتجت بالطبع كمًا هائلًا من المواد المكتوبة، والتي لا يزل الكثير منها موجودًا حتى الآن.

سترفع إمبراطورية الدولة الحديثة من مكانة مصر على الساحة الدولية، مما يجعلها عضوًا في التحالف الذي يسميه المؤرخون المعاصرون "نادي القوى العظمى"

حكم الملوك الأجانب المعروفون باسم الهكسوس في مصر السفلى أثناء عصر الاضمحلال الثاني من أواريس، وتمكن الغرباء لأول مرة من جمع ثروة وقوة تمكنهم من أن يصبحوا قوة سياسية في مصر. طُرد الهكسوس على يد أحمس الأول (حوالي 1570-1544 ق.م)، مؤسس الأسرة الثامنة عشرة وعصر الدولة الحديثة، الذي شرع على الفور في تأمين حدود مصر ثم وسعها لتوفير منطقة عازلة ضد أي غزوات أخرى.

قام الفراعنة اللاحقون، وأبرزهم تحتمس الثالث، بتوسيع هذه المناطق العازلة إلى إمبراطورية. سترفع هذه الإمبراطورية من مكانة مصر على المسرح الدولي، مما جعلها عضوًا في التحالف الذي يسميه المؤرخون المعاصرون "نادي القوى العظمى" إلى جانب آشور وبابل والمملكة الحثية الجديدة ومملكة ميتاني الذين تشاركوا جميعًا في العلاقات التجارية والدبلوماسية.

أوصلت الأسرة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة وأوائل الأسرة العشرين مصر إلى أوج قوتها، ولكن خلال الجزء الأخير من الأسرة العشرين (المعروفة باسم عصر الرعامسة) بدأت تلك القوة في التضاؤل مع اكتساب كهنة آمون ثروة ونفوذًا أكبر وتراجع مكانة الفرعون. يمكن تقدير قوة عبادة آمون على أفضل وجه من خلال حجم المعبد المخصص له في الكرنك الذي ساهم في بنائه كل حاكم من حكام المملكة الحديثة، وبحلول نهاية الدولة الحديثة كان هناك أكثر من 80,000 كاهن يعملون في المعبد في طيبة وحدها، دون حساب المدن الأخرى في مختلف الأقاليم، وكان أبرز ما يميز هؤلاء الكهنة كثرة ثراءهم وامتلاكهم لأراضي أكثر من الفرعون.

Hatshepsut's Temple, Karnak
معبد حتشبسوت بالكرنك
Dennis Jarvis (CC BY-SA)

إن الوحدة والقوة اللتان ميزتا الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة ضاعتا باطراد خلال الأسرة العشرين. انتهت الدولة الحديثة عندما أصبح كهنة آمون أقوياء بما فيه الكفاية لتأكيد سلطتهم في طيبة وتقسيم البلاد بين حكمهم وحكم الفرعون في مدينة "بر-رمسيس"، وبفقدان الحكومة المركزية القوية والملك القوي، دخلت مصر العصر المعروف بالعصر الوسيط الثالث الذي اتسم بانحدار مطرد في السلطة وانتهى بالغزو الفارسي لمصر عام 525 ق.م.

بداية عصر الدولة الحديثة

كانت الدولة الوسطى عصر وحدة وازدهار، والتي انحلت في عهد الأسرة الثالثة عشرة، وبحلول عام 1782 ق.م تقريبًا تمكنت قوة جديدة من الظهور في شمال مصر، وهي مملكة الهكسوس. كان الهكسوس شعبًا ساميًا أسس مقرًا للسلطة في أواريس في مصر السفلى، وفي الوقت نفسه قامت مملكة كوش في الجنوب في مصر العليا. تمكّنت هاتان القوتان من ترسيخ أقدامهما بقوة بسبب إهمال الجزء الأخير من الأسرة الثالثة عشرة. يميز حكم الهكسوس، وبدرجة أقل، صعود مملكة كوش، العصر التي أطلق عليها علماء القرن التاسع عشر والقرن العشرين الميلاديين اسم عصر الاضمحلال الثاني.

بالرغم من أن الكتاب المصريين في عصر الدولة الحديثة وما بعدها يصفون عصر الهكسوس بأنه عصر فوضى ودمار، إلا أن السجل الأثري - بالإضافة إلى الأدلة من ذلك الوقت - تُظهر أن هذه مبالغة أدبية تهدف إلى المقارنة بين عظمة الدولة القوية الموحدة (مثل التي سادت في الدولة الحديثة) وبين التفكك الذي جاء قبلها.

تشير جميع الدلائل إلى وجود علاقة ودية، إن لم تكن حميمة، بين الملوك الأجانب في أواريس والحكام المصريين في طيبة حتى اندلاع الحروب التي أدت في النهاية إلى طرد الهكسوس من مصر، علاوة على ذلك، أدخل الهكسوس عددًا من الابتكارات الثقافية، خاصة في مجال الحروب، والتي استفاد منها المصريون في بناء إمبراطوريتهم. كتب الباحثان برير وهوبز:

"بالرغم من سعادة المصريين بطرد الهكسوس، إلا أنهم كانوا مدينين بدين كبير لمحتليهم السابقين، حيث تعلمت مصر من الهكسوس العربات والخيول بالإضافة إلى سر إنتاج البرونز، وهو معدن أكثر صلابة من النحاس، كما قادت المعارك ضد الهكسوس مصر إلى التطلع إلى ما وراء حدودها الشمالية للمرة الأولى، وبفضل تجهيزاتها الأفضل، سيطرت مصر في النهاية على الشرق الأوسط." (27)

The New Kingdom of Egypt c. 1250 BCE
عصر الدولة الحديثة حوالي 1250 ق.م
Simeon Netchev (CC BY-NC-ND)

بدأت الحرب مع الهكسوس عندما فسر الملك المصري سقنن رع تاعا (المعروف أيضًا باسم تاو) رسالة من الملك الهكسوس أبيبي على أنها تحدٍ ودخل معه في حرب. قُتل تاو، على الأرجح في المعركة، وتولى القضية كاموس ملك طيبة (ربما ابن تا) الذي أعلن النصر على الهكسوس بعد تدمير مدينة أواريس.

تُظهر النقوش اللاحقة من ذلك الوقت والسجل الأثري أن أواريس كانت لا تزل معقلًا للهكسوس في عهد الملك التالي أحمس الأول، الذي خاض ثلاث معارك للاستيلاء عليها وطرد الهكسوس أولاً إلى فلسطين ثم إلى سوريا، ومع هزيمة الملوك الأجانب وطردهم من مصر، أعاد أحمس الأول ترسيخ حدوده ودفع الكوشيين إلى الجنوب، ووحّد البلاد تحت حكمه من مدينة طيبة، وبذلك بدأ عصر الدولة الحديثة.

الأسرة الثامنة عشر

أدرك أحمس الأول أن الهكسوس تمكنوا من ترسيخ أقدامهم بقوة لأن الملوك المصريين السابقين سمحوا لهم بذلك، كما قرر إنشاء مناطق عازلة حول مصر لتأمين الحدود، وحصّن المستوطنات المهملة في المواقع الرئيسية لحراسة البلاد. أدى كفاح أحمس الأول ضد الهكسوس إلى اتصاله وجيشه بمناطق فلسطين وسوريا حيث واصل حملاته بالإضافة إلى قيادته لحملات عسكرية جنوبًا ضد مملكة كوش في النوبة، وعندما توفي، كان قد وطد حكمه وأمّن البلاد تاركًا وضعًا سياسيًا واقتصاديًا مستقرًا لخلفه أمنحتب الأول (حوالي 1541-1520 ق.م).

حافظ أمنحوتب الأول على سياسات والده وحاكاه كملك محارب في النقوش، ولكنه على الأرجح قاد علي في النوبة فقط، ولا توجد سجلات عن قيادته لحملات استكشافية في فلسطين أو سوريا، ولكن ربما فعل ذلك لأن تلك المناطق ظلت آمنة خلال فترة حكمه وحكم خلفه. اشتهر أمنحتب الأول بمساهماته في الفنون والتطورات الدينية. وصل كتاب الخروج إلي النهار (المعروف باسم كتاب الموتى المصري) إلى شكله النهائي في عهده وكان راعي مستعمرة الفنانين في "دير المدينة"، وهي القرية المسؤولة عن العمل على المقابر في وادي الملوك حيث دُفن الفراعنة العظماء.

Book of the Dead of Aaneru, Thebes
كتاب الموتى لعنرو، طيبة
Mark Cartwright (CC BY-NC-SA)

ركز أمنحوتب الأول جهوده على إنشاء المعابد والمسلات وتأمين الحدود، لكنه لم يقم بمحاولات جادة لتوسيع رقعة مصر، وعند وفاته، أُلِّه كإله الحرفيين في دير المدينة وبُجِّل عن طريق عبادة جنائزية باسمه، وخلفه تحتمس الأول (1520-1492 ق.م) الذي بدأ على الفور حملات لتوسيع رقعة مصر.

أخمد تحتمس الأول تمردًا في النوبة اندلع بعد فترة وجيزة من توليه العرش، فقتل ملك النوبة بنفسه وعلق جثته على مقدمة سفينته كتحذير للمتمردين الآخرين، ثم وسع قبضة مصر على النوبة جنوبًا قبل أن يحوّل اهتمامه إلى فلسطين وسوريا، وأضاف إلى معبد الكرنك العظيم في طيبة وأقام العديد من المعابد والآثار الأخرى في جميع أنحاء مصر، وخلفه تحتمس الثاني (1492-1479 ق.م) الذي لا يُعرف الكثير عن فترة حكمه لأنه طغى على الفور على أخته غير الشقيقة الأكثر قوة حتشبسوت.

كان تحتمس الثاني هو ابن تحتمس الأول من ملكة أقل منه في حين أن حتشبسوت كانت الابنة الشرعية لتحتمس الأول، ووفقًا لنقوشها، كانت وريثته المعينة. تزوج تحتمس الثاني من حتشبسوت لتأمين خلافته بعد وفاة تحتمس الأول، ولكن لم يتبق أي سجلات تشير إلى أنه كان يتمتع بأي سلطة حقيقية، ربما يكون قد أمر بحملات عسكرية إلى سوريا ولكنه لم يقد أي منها بنفسه، ويُعتقد في الواقع أن هذه الحملات كانت بتكليف من أخته/زوجته غير الشقيقة.

تُعد حتشبسوت (1479-1458 ق.م) من بين أقوى وأنجح ملوك الدولة الحديثة. أنجبت طفلاً واحداً من تحتمس الثاني وأنجب هو الآخر من زوجة قاصر عينها خلفاً له، تحتمس الثالث (1458-1425 ق.م). عُينت حتشبسوت وصية على عرش مصر بعد وفاة تحتمس الثاني وشاركت ظاهريًا في الحكم مع الطفل تحتمس الثالث، لكنها كانت القوة الكامنة وراء حكم زوجها واستمرت في القيام بما تراه الأفضل بعد وفاته.

كانت حتشبسوت مسؤولة عن مشروعات بناء أكثر من أي حاكم مصري آخر باستثناء رمسيس الثاني (1279-1213 ق.م)، حيث نظمت وأنجزت أنجح حملة استكشافية إلى بلاد بونت (الصومال)، وساهمت بأعمالها الخاصة في معبد الكرنك، وحكمت في سلام مع النوبة في الجنوب. كانت مشروعات البناء التي قامت بها جميلة جداً وكثيرة جداً لدرجة أن الفراعنة اللاحقين ادعوا أنها خاصة بهم؛ تمكن هؤلاء الملوك من القيام بذلك لأنه في وقت ما حوالي عام 1458 ق.م، أُزيل اسم حتشبسوت من جميع آثارها، بما في ذلك مجمعها الرائع في الدير البحري.

Hatshepsut
حتشبسوت
Postdlf (GNU FDL)

من غير الواضح سبب إزالة اسمها أو من قام بذلك، ولكن يبدو أن ذلك كان من عمل خليفتها تحتمس الثالث الذي حاول طمس عهد امرأة فرعونية من أجل الحفاظ على الأدوار التقليدية للجنسين في الثقافة، ربما شعر أن وجود حاكمة أنثى قوية وناجحة من شأنه أن يمكّن النساء الأخريات من السعي إلى السلطة وبالتالي الإخلال بالتوازن الطبيعي.

وضع تحتمس الثالث يده على دولة مزدهرة ومستقرة في عام 1458 ق.م، ولم يستغرق وقتًا طويلاً للبدء في تحسينها. أسس تحتمس الثالث الإمبراطورية المصرية التي سيحافظ عليها خلفاؤه من بعده؛ حيث استخدم العربة الحربية الموروثة من الهكسوس، بالإضافة إلى الأسلحة البرونزية والتكتيكات المتفوقة لهزيمة الأمم المحيطة به وتوسيع رقعة مصر إلى أبعد مما وصلت إليه في الماضي.

قاد خلال 20 عامًا ما لا يقل عن 17 حملة عسكرية مختلفة، حيث أخضع الممالك من ليبيَا إلى سوريَا إلى رعايا مصريين وبسط سيطرة مصر في الجَنُوب من المنطقة المحيطة بـــــ"بوهين" وصولًا إلى "قرقص". تروي نقوش تحتمس الثالث وآثاره قصته بشكل كامل لدرجة أنه عدّ أحد أفضل الحكام الموثقين في التاريخ المصري بعد رمسيس الثاني.

خلف تحتمس الثالث ابنه أمنحتب الثاني (1425-1400 ق.م)، الذي ورث دولة قوية وآمنة، وقام بتطويرها مثل والده، فلم يكن نشطًا في الحملات العسكرية مثل والده، ولكنه أمر بالعديد من مشروعات البناء وأبرم معاهدات سلام ووثائق تجارية مع أمم أخرى مثل الميتانيين. واصل خليفته تحتمس الرابع (1400-1390 ق.م) سياساته. عدّ تحتمس الرابع مغتصبًا للعرش، بالرغم من أنه الابن الشرعي لأمنحتب الثاني، وذلك استنادًا إلى لوحة الحلم الشهيرة التي تحكي قصة وصوله إلى العرش، كما اشتهر بأنه الفرعون الذي رمم تمثال أبو الهول في الجيزة.

Head of Amenhotep II
رأس أمنحوتب الثاني
Osama Shukir Muhammed Amin (Copyright)

خلف تحتمس الرابع، أمنحتب الثالث (1386-1353 ق.م) الذي يُعتبر أيضًا أحد أنجح وأقوى حكام مصر. حكم أمنحتب الثالث مصر في واحدة من أعلى مراحلها الثقافية والسياسية والاقتصادية، ويُعد عهده من بين أكثر العهود ثراءً في تاريخ مصر، استخدم ثروته باستمرار في تعاملاته مع الدول الأخرى لإقناعهم بتنفيذ ما يريده، وحافظ على استقرار حكم البلاد ووسّع حدودها وكرّس نفسه للفنون ومشروعات البناء، ويعود العديد من الآثار المصرية الأكثر إثارة للإعجاب إلى عهده.

بدأ كهنة آمون في عهد أمنحتب الثالث، في اكتساب المزيد والمزيد من الثروة؛ حيث امتلكوا أراضي أكثر من الملك استخدموها لزيادة ثرائهم

بدأ كهنة آمون في عهد أمنحتب الثالث، في اكتساب المزيد والمزيد من الثروة؛ حيث امتلكوا أراضي أكثر من الملك استخدموها لزيادة ثرائهم. حاول أمنحوتب الثالث إخماد قوتهم المتزايدة عن طريق التحالف مع إله ثانوي هو آتون الذي يمثله قرص الشمس.

اعتقد أمنحتب الثالث، أن قوة الفرعون خلال عبادة آتون ستزيد من هيبة كهنته على حساب كهنة آمون، لكن خطته لم تنجح، لكنها رفعت من شأن الإله آتون الذي سيظهر بشكل بارز في عهد ابنه وخليفته.

اشتهر أمنحتب الرابع باسم أخناتون (1353-1336 ق.م)، وهو الفرعون الذي اشتهر بتأسيس التوحيد في مصر وحظر الآلهة القديمة. أصبحت عهده يُعرف باسم عصر العمارنة لأن العاصمة المصرية انتقلت من طيبة إلى العمارنة الحديثة. اعتلى العرش باسم أمنحتب الرابع، ولكنه غيّر اسمه في السنة الرابعة أو الخامسة من حكمه إلى أخناتون، وألغى الديانة القديمة - خاصة عبادة آمون - ورفع الإله آتون إلى مرتبة الإله الواحد الحقيقي.

كانت عبادة آتون وحدها هي التي يُنظر إليها كهيئة دينية شرعية، أما معابد الآلهة الأخرى أُغلقت وحظرت عبادتها، وفي معبد آمون الكبير في الكرنك، الذي أغلقه أيضًا، أقام معبدًا لآتون. نقل أخناتون العاصمة من طيبة إلى مدينة جديدة بناها، وهي أخيتاتون، التي تقاعد فيها وأهمل إلى حد بعيد شؤون الدولة. كانت زوجته هي نفرتيتي الشهيرة (حوالي 1370-1336 ق.م) التي اشتهرت بالتمثال النصفي الرائع الذي صنعه النحات تحتمس.

Queen Nefertiti
الملكة نفرتيتي
Philip Pikart (CC BY-SA)

عدّت إصلاحات أخناتون جهدًا مخلصًا للإصلاح الديني، ولكنها ربما كانت ببساطة أكثر الحلول فعالية لمشكلة تنامي قوة عبادة آمون، وكما لوحظ، كان كهنة آمون مصدر قلق لوالد أخناتون الذي فشلت جهوده في كبح جماح هذه الطائفة. قام أخناتون بتحييد سلطة الكهنة بشكل فعال عن طريق حظر عبادتهم وحظر إلههم.

خلف أخناتون بعد وفاته، ابنه الشاب توت عنخ آتون الذي غيّر اسمه سريعًا إلى توت عنخ آمون (1336-1327 ق.م)، ونقل العاصمة إلى منف وأعاد المركز الديني لطيبة (الذي كان له أهمية سياسية أيضًا) وأعاد فتح المعابد وأعاد الديانة القديمة إلى مصر، وبالرغم من أنه بدأ إصلاحات مهمة أدت إلى استقرار البلاد، فإنه اشتهر بمقبرته الرائعة التي اكتشفها هوارد كارتر عام 1922. تزوج توت عنخ آمون من أخته غير الشقيقة، "عنخس إن آمون"، حتى وفاته عن عمر يناهز 18 عامًا.

ربما تزوجت "عنخس إن آمون" بعد ذلك من الوزير آي (ربما 1324-1320 ق.م) الذي خلف توت عنخ آمون وفقًا لبعض العلماء، أو ربما حاولت أن تحكم بمفردها. هناك رسالة منها إلى الملك الحيثي سابيليوليوما الأول (1344-1322 ق.م) تطلب فيها أحد أبنائه للزواج، حيث ستجعله ملكًا مصريًا. أرسل الملك هذا الابن ولكنه قُتل عند وصوله إلى مصر، وقيل إن هذا الابن قتل إما بواسطة آي أو حورمحب، وأيًا كان الدور الذي لعبته آي في الخلافة، فقد اختفت "عنخس إن آمون" بعد فترة وجيزة من وفاة توت عنخ آمون وتولي القائد العسكري حورمحب الحكم مكرسًا نفسه لإعادة مصر إلى مجدها السابق.

بذل حورمحب (1320-1295 ق.م) جهدًا كبيرًا لمحو ملوك عصر العمارنة من التاريخ المصري عن طريق تدمير جميع آثار ونقوش أخناتون، بما في ذلك هدم معبده في الكرنك تمامًا بحيث لم يبقَ منه أي أثر. كانت الطريقة الوحيدة التي علم بها المؤرخون اللاحقون بإصلاحات أخناتون هي أن حورمحب استخدم الآثار المدمرة واللوحات والنقوش لملء مشروعات أخرى.

دافع حورمحب عن الدين القديم وتقاليد مصر القديمة. أُهملت العلاقات مع الأمم الأخرى والبنية التحتية لمصر نفسها في عهد أخناتون. أعاد حورمحب مصر إلى مكانتها السابقة، على الرغم من أنه لم يستطع رفعها إلى الذروة التي عرفتها في عهد أمنحتب الثالث. توفي حورمحب دون وارث وخلفه وزيره بارعمسو الذي تولى العرش باسم رمسيس الأول (1292-1290 ق.م) الذي بدأ الأسرة التاسعة عشرة.

الأسرة التاسعة عشر

كان رمسيس الأول رجلًا مسنًا عندما تولى العرش، وسرعان ما عين ابنه سيتي الأول خلفًا له. واصل رمسيس الأول العمل الذي بدأه حورمحب في إعادة بناء معابد مصر ومزاراتها وإضافة معبد آمون العظيم في الكرنك، وأذن لسيتي الأول بالقيام بحملات عسكرية لاستعادة الأراضي التي فقدت في عهد أخناتون.

Seti I
سيتي الأول
ancient Egypt, Vol. I by Georges Perrot and Charles Chipiez (1883) (Public Domain)

تولى سيتي الأول (1290-1279 ق.م) العرش بعد وفاة والده، وواصل إصلاح مصر وإحيائها، مضيفًا لمساته الخاصة على المشروع الكبير في الكرنك ومعدًا خليفته للحكم، أما ابنه، رمسيس الثاني (المعروف باسم العظيم، 1279-1213 ق.م) فهو أشهر فراعنة مصر في العصر الحديث بسبب ارتباطه الطويل بالحاكم المصري الذي لم يذكر اسمه في سفر الخروج التوراتي وتصويره في الأفلام المقتبسة من تلك القصة.

هناك عدد من الحجج القوية التي توضح أن رمسيس الثاني الحقيقي لم يكن هو فرعون قصة الخروج، من بينها حقيقة أن رمسيس الثاني وثق عهده بدقة أكثر من أي فرعون آخر في التاريخ. ترك هذا الملك وراءه آثارًا ونقوشًا أكثر من أي ملك آخر، ومع ذلك لا يوجد في أي منها أي ذكر للعبيد العبرانيين أو الأوبئة أو الهجرة الجماعية لما يزيد عن 600,000 شخص من مصر.

اشتهر رمسيس الثاني بهزيمته للحيثيين في معركة قادش عام 1274 ق.م، وهو إنجاز كان يفخر به (على الرغم من أن المعركة كانت أقرب إلى التَعَادُلٌ)، ووقّع أول معاهدة سلام في العالم، كما أوقف غزو شعوب البحر وأمن البلاد ضد أي هجمات أخرى. كان يُصوَّر بشكل روتيني على أنه صياد عظيم وملك محارب، وهي صورة شجعها على الرغم من أنه قاد القليل من الحملات، إن وجدت، بعد قادش.

Set and Horus Blessing Ramesses II
ست وحورس يباركان رمسيس الثاني
Dennis Jarvis (CC BY-SA)

ازدهرت مصر في عهد رمسيس الثاني؛ حيث أقام العديد من الآثار وترك الكثير من النقوش، بحيث لا يوجد موقع قديم في البلاد لا يحمل اسمه. ربما في محاولة منه لتأمين المناطق الشِّمالية من البلاد نقل العاصمة من طيبة إلى مدينة جديدة بناها في أواريس أطلق عليها اسم بر-رمسيس (المعروفة أيضًا باسم بر-رمسيسو) والتي قسمها إلى أحياء خصص كل منها لإله واحد، إلهين مصريين وإلهين آسيويين، مما يوحي بأنه كان يحاول مزج الثقافة المصرية بالثقافة السورية الفلسطينية، ومهما كانت دوافعه في نقل العاصمة، فقد ثبت فيمَا بعد أنه كان خطأً لأنه سمح لكهنة آمون في طيبة بتعزيز سلطتهم إلى درجة أنهم أصبحوا ينافسون الفراعنة.

عاش رمسيس الثاني حتى بلغ من العمر 96 عامًا، وعندما توفي، لم يتذكر شعبه وقتًا لم يكن فيه ملكًا. تسببت وفاته في انتشار الذعر على نطاق واسع بين الشعب الذي كان يواجه مستقبلًا بدون رمسيس الثاني كملك، خلفه ابنه مرنبتاح (1213-1203 ق.م) الذي كان يبلغ من العمر 60 عامًا تقريبًا عندما تولى الحكم.

كان مرنبتاح الابن الثالث عشر لرمسيس الثاني ولم يكن خليفته المختار؛ حيث أصبح فرعونًا فقط لأن جميع إخوته ماتوا خلال حياة والدهم الطويلة وملكه، وسرعان ما انحاز مرنبتاح إلى صورة والده كملك محارب، وهزم الليبيين في المعارك وصد غزو شعوب البحر. يتضمن سرده لحملاته لوحة مرنبتاح الشهيرة التي تقدم أول ذكر لشعب إسرائيل كقبيلة.

Ramesses II Seated Statue, Thebes
تمثال رمسيس الثاني جالساً، طيبة
Mark Cartwright (CC BY-NC-SA)

خلف مرنبتاح، أمنمسي (1203-1200 ق.م) الذي كان مغتصبًا يحاول الاستيلاء على السلطة من الوارث الشرعي سيتي الثاني (1203-1197 ق.م). كان أمنمسي على الأرجح ابن مرنبتاح ولكنه لم يكن خليفته المختار. تشير الدلائل إلى أن أمنمسي حاول محو أي دليل على سيتي الثاني، واستولى على السلطة في طيبة ومدها جنوبًا عبر النوبة وفرض ملكه على بلاطه، تاريخ وفاته غير معروف، لكنه اختفى من السجل بعد عام 1200 ق.م، في حين امتد حكم سيتي الثاني إلى عام 1197 ق.م.

اتبع سيتي الثاني، تعاليم مرنبتاح وبدأ مشروعات البناء الخاصة به، بما في ذلك التحسينات/الإضافات على معبد الكرنك، وخلفه رمسيس سبتاح (1197-1191 ق.م) الذي تولى العرش وهو في العاشرة من عمره وتوفي في سن السادسة عشرة تقريبًا. حكمت زوجة أبيه توسرِت (المعروفة أيضًا باسم تاوسرت، 1191-1190 ق.م) معه كوصية على العرش وخلفته عند وفاته. حكمت تاوسرت عامين آخرين قبل أن تموت وخلفها "ست نخت" (1190-1186 ق.م) وهو مغتصب آخر للحكم وأسس الأسرة العشرين في مصر.

الأسرة العشرون

يشير الارتباك الواضح في الحكم بعد وفاة مرنبتاح إلى أن خلافة الملوك المصريين انكسرت، مما سمح للمغتصبين بتجاهل التقاليد السابقة. كان من الممكن أن يكون هذا خرقًا شديد الْخَطَر لمفهوم ماعت (الانسجام والتوازن) إذا تم التسامح أو التغاضي عنه. هُزم "أمنمسي" في محاولاته، ولكن "ست نخت" نجح؛ مما يشير إلى أن "ست نخت" لم يكن مغتصبًا بشكل واضح، وكان على الأرجح أحد أبناء سيتي الثاني.

حقق ست نخت الاستقرار الحكومي، ولكن تبدوا سجلات عهده مشوشة، فربما صد غزوًا آخر لشعوب البحر، أو ربما كان يردد ببساطة قصة تتعلق بماضي مصر. خلف ست نخت، رمسيس الثالث (1186-1155 ق.م) الذي اشتهر بهزيمة شعوب البحر وطردهم من سواحل مصر للمرة الأخيرة. تشجع نقوش رمسيس الثالث فيمَا يتعلق بمعركته مع شعوب البحر ادعاء بعض العلماء أن ست نخت حاربهم من قبل، ولكن هذا الادعاء غير مدعوم على نطاق واسع.

Bronze Age Mediterranean Invasions & Migrations
الغزوات والهجرات في حوض البحر الأبيض المتوسط خلال العصر البرونزي
Alexikoua (CC BY-SA)

كان رمسيس الثالث آخر الفراعنة الأقوياء في الدولة الحديثة. استمرت قوة كهنة آمون في النمو بعد أن أحيا حورمحب الديانة القديمة، وأدى صعودهم المطرد إلى جذب الإيرادات والنفوذ بعيدًا عن العرش، وكما كان الحال في عهد أخناتون، امتلك كهنة آمون أراضٍ أكثر من الفرعون وسيطروا على سلطة أكبر في الأقاليم، وسيزداد هذا الوضع سوءًا طوال عصر رعامسة الأسرة العشرين.

حافظ رمسيس الثالث على حكومة مركزية قوية، وعلى أمن الحدود، وعلى ازدهار مصر، ولكن الإمبراطورية كانت تنفلت منه. لم يعد منصب فرعون مصر يحظى بالاحترام الذي كان يحظى به في السابق لأن كهنة آمون كانوا يؤدون دور الوسيط مع الآلهة. أُصيب رمسيس الثالث في محاولة اغتيال دبرتها إحدى زوجاته الصغرى، وتوفي لاحقًا متأثرًا بجراحه، ولم يصل خليفته رمسيس الرابع (1155-1149 ق.م) إلى العرش إلا بعد وفاة أخويه الأكبر منه سنًا، حيث بذل قُصَارَى جهده لمحاكاة الفراعنة العظماء في الماضي، وأنجز عدداً من مشروعات البناء بينما كان يكافح للحفاظ على الإمبراطورية الآخذة في الانكماش، ولكنه توفي بعد فترة حكم قصيرة.

خلف رمسيس الرابع، ابنه رمسيس الخامس (1149-1145 ق.م) الذي كافح للحفاظ على السلطة ضد كهنة آمون، مع الحفاظ على الإمبراطورية، وواصل خليفته رمسيس السادس (1145-1137 ق.م) هذا الكفاح دون نجاح أكثر، وبدلًا من الإنجازات العظيمة في المعارك أو المشروعات الأثرية، اشتهر رمسيس السادس بين مؤرخي العصر الحديث بمقبرته - ولكن ليس لأي ثروات عظيمة وجدت بداخلها، فعندما بُنيت مقبرة رمسيس السادس، دفن العمال عن غير قصد مقبرة توت عنخ آمون السابقة، مما أبقاها في مأمن من لصوص القبور حتى القرن العشرين.

خلف رمسيس السادس، رمسيس السابع (1137-1130 ق.م)، ثم رمسيس الثامن (1130-1129 ق.م) الذي لا يُعرف عنه شيء، ثم رمسيس التاسع (1129-1111 ق.م) ورمسيس العاشر (1111-1107 ق.م) ورمسيس الحادي عشر (1107-1077 ق.م)، حيث كافح كل هؤلاء الفراعنة للحفاظ على الإمبراطورية في مواجهة غارات القُوَى الخارجية والصراعات الداخلية مع كهنة آمون، وهناك حادثة تتعلق بهذه الصراعات، وإن كانت بعيدة كل البعد عن الوضوح، تتعلق برجل يدعى أمنحتب، الكاهن الأعلى لآمون، الذي أطاح به الوزير بنحاسي من منصبه واضطر بعد ذلك إلى الفِرَار جنوبًا إلى النوبة.

يبدو أن رمسيس الحادي عشر، أعاد أمنحتب إلى منصبه خلال العصر المعروف باسم "وحم مسوت" الذي يرتبط حرفيًا بانبعاث الثقافة (عصر النهضة)، ولكن يبدو أنه العصر الذي تراجعت فيها سلطة الملكية المصرية بسرعة، على الرغم من أن بعض الأجزاء القديمة من السجلات تشير إلى أن أمنحوتب الكاهن الأكبر استعاد منصبه في طيبة، إلا أن البعض الآخر يزعم أنه خلفه كاهن آخر يدعى "حريحور" الذي كان قويًا بما يكفي لحكم مصر من طيبة، واقتسم البلاد مع رمسيس الحادي عشر، وعلى عكس بقية الدولة الحديثة، فإن السجلات من هذا الوقت أقل اكتمالًا والكثير منها مجزأ، ومع ذلك، فإن الجانب الوحيد الذي يبدو واضحًا في ذلك الوقت هو أن كهنة آمون كان لديهم الآن ما يكفي من القوة ليحكموا كفراعنة من طيبة.

سقوط الدولة الحديثة

أدى هذا التقسيم في الحكم بين طيبة في مصر العليا ورمسيس الحادي عشر في مصر السفلى إلى نفس النوع من الانقسام الذي ميز عصري الاضمحلال الأول والثاني، ومرة أخرى لم تكن هناك حكومة مركزية قوية في مصر ولم تعد سياسات الماضي التي حافظت على الإمبراطورية فعالة. تكتب المؤرخة مارجريت بونسون كيف أن الرعامسة لم يكن لديهم "كفاءة عسكرية أو إدارية تذكر" بعد رمسيس الثالث وأن "الأسرة العشرين والدولة الحديثة دُمرت عندما قام كهنة آمون الأقوياء بتقسيم الأمة واغتصاب العرش" (81).

أدى قرار رمسيس الثاني بنقل العاصمة شمالًا إلى أواريس إلى إضعاف الحكومة بالتخلي عن طيبة للكهنة، وبالرغم من أن عبادة آمون كانت ظاهريًا تحت سلطة الفرعون، إلا أن السلطة في الواقع كانت في يد الطرف صاحب الثروة والنفوذ الأكبر. كان كهنة آمون قادرين على الاستحواذ على مساحات هائلة من الأراضي والاستفادة منها دون أي تدخل من الفراعنة الذين كانوا الآن بعيدًا جدًا في الشمال.

كان هؤلاء الكهنة قادرين على جمع الثروة في البداية بسبب الطريقة التي أصبح يُنظر بها إلى الإله آمون، الذي جمع بين جوانب الإله الخالق السابق أتوم وإله الشمس رع وأصبح معروفًا بأنه ملك الآلهة. ارتبط الفراعنة الأوائل في الدولة الحديثة، مثل الملوك الذين سبقوهم، بالإله حورس، لكن سيتي الأول ارتبط بالإله ست خَصْم حورس، وارتبط الرعامسة بإله الشمس رع. يأتي اسم "رمسيس" من كلمة "رع-موسى" المصرية التي تعني "ابن رع".

كان كهنة آمون، الإله الأعلى، على اتصال مباشر بخالق الكون ومُدبِّره، وهو إله أعظم من رع أو حورس أو ست، ومع ازدياد شعبية عبادة آمون ازدادت شعبيته وازدادت كذلك عبادته وازدادت ثروتهم، ولكن الأهم من ذلك، تضاءلت سلطة الفرعون لأنه لم يعد يُنظر إليه كوسيط ضروري بين الشعب وآلهتهم، والآن يمكن لكهنة آمون أن يتوسطوا نيابة عن الشعب ويمكنهم الحصول على إجابات مباشرة. يعلق الباحث جاكوبوس فان ديك على ذلك:

"لم يعد الملك يمثل الإله على الأرض بل أصبح خاضعًا له؛ فهو مثل كل البشر الآخرين خاضع لإرادة الله... وبمجرد الاعتراف بأن إرادة الإله هي العامل الحاكم في كل ما يحدث، أصبح من الضروري معرفة إرادته مسبقًا. بدأ استخدام العرافات، التي كان الملك وحده هو من يستشيرها في الأصل، ربما في وقت مبكر من الدولة القديمة، في عصر الرعامسة لاستشارة الإله في جميع أنواع الشؤون في حياة البشر العاديين. كان الكهنة يحملون المَرْكَب المحمول الذي يحمل صورة الإله في موكب إلى خارج المعبد، وتوضع أمامه قطعة من ورق البَرْدِيّ أو قطعة من الأوستراكا تحمل سؤالًا مكتوبًا، ثم يشير الإله إلى موافقته أو عدم موافقته عن طريق تحريك الكهنة قليلًا إلى الأمام أو الخلف أو عن طريق حركة أخرى من المَرْكَب، وهكذا كانت التعيينات والنزاعات على الممتلكات والاتهامات بالجرائم، حتى الأسئلة التي كانت تُطرح لاحقًا بحثًا عن طمأنة الإله بأن المرء سيعيش بأمان في الآخرة، كانت تخضع لإرادة الإله. كل هذه التطورات قللت من دور الملك كممثل للإله على الأرض؛ فلم يعد الملك إلهًا، بل أصبح الإله نفسه ملكًا، وبمجرد الاعتراف بآمون كملك حقيقي، أمكن تقليص السلطة السياسية للحكام الدنيويين إلى الحد الأدنى ونقلها إلى كهنوت آمون" (شو، 306-307)

Amun
أمون
Joanna Penn (CC BY)

تنتهي الأسرة العشرون بوفاة رمسيس الحادي عشر ودفنه على يد خليفته سمندس الأول (1077-1051 ق.م). كان هناك تقليد يعود إلى العصر العتيق في مصر (حوالي 3150-2613 ق.م) وهو أن الذي يدفن الملك يخلفه. كان سمندس الأول من تانيس (صان الحجر) في مصر السفلى، ولذلك، بعد دفن الفرعون المتوفى، أعلن نفسه خليفة له واتخذ من تانيس عاصمة له هناك. حكم فقط في مصر السفلى وفي النهاية على منطقة محدودة إلى حد ما. انتهت الدولة الحديثة حوالي عام 1069 ق.م في عهده، حيث أصبح أقرب إلى حاكم إقليم. استولى كهنة آمون على السلطة في طيبة في مصر العليا، واستعاد النوبيون في الجَنُوب، مع عدم وجود سلطة مصرية مركزية تكبح جماحهم، الأراضي التي فقدوها في عهد تحتمس الثالث والفراعنة العظام الآخرين في الدولة الحديثة.

تبعهم مناطق سوريا وفلسطين وليبيا وسقطت الإمبراطورية المصرية، ثم دخلت البلاد بعد ذلك عصر أخر من الانقسام والضعف عرف بالعصر الوسيط الثالث، ولكن على عكس العصور السابقة التي شهدت تحولًا بين العصور الموحدة، لم تخرج مصر من هذا العصر أقوى وأكثر تقدمًا من قبل. أدي عصري الاضمحلال الأول والثاني إلى الدولتي الوسطى والحديثة، لكن العصر الوسيط الثالث انته بغزو الفرس لمصر بعد معركة بلوزيوم (الفرما) عام 525 ق.م.

لم تعد مصر بعد وصول الفرس، دولة مستقلة مرة أخرى لفترة طويلة من الزمن. نجحت الأسرة الثلاثون (حوالي 380-343 ق.م) في إعادة تأسيس الحكم المصري، لكن الفرس استولوا على البلاد مرة أخرى وحكموها حتى هزيمتهم على يد الإسكندر الأكبر. كان أقرب ما وصلت إليه البلاد إلى الحكم المصري مرة أخرى في عهد البطالمة (323-30 ق.م)، وهم الحكام اليونانيون الذين أعادوا إحياء العادات والتقاليد المصرية، وسيكون البطالمة آخر دولة حكمت مصر قبل مجيء روما.

نبذة عن المترجم

Mahmoud Ismael
مدرس تاريخ مهتم بترجمة المقالات والأبحاث التاريخية.

نبذة عن الكاتب

Joshua J. Mark
كاتب مستقل وأستاذ سابق بدوام جزئي في الفلسفة في كلية ماريست، نيويورك، عاش جوشوا ج. مارك في اليونان وألمانيا وسافر إلى مصر. قام بتدريس التاريخ والكتابة والأدب والفلسفة على المستوى الجامعي.

استشهد بهذا العمل

نمط APA

Mark, J. J. (2016, October 07). عصر الدولة الحديثة في مصر القديمة [New Kingdom of Egypt]. (M. Ismael, المترجم). World History Encyclopedia. تم استرجاعها من https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-15059/

أسلوب شيكاغو

Mark, Joshua J.. "عصر الدولة الحديثة في مصر القديمة." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. آخر تعديل October 07, 2016. https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-15059/.

أسلوب إم إل إيه

Mark, Joshua J.. "عصر الدولة الحديثة في مصر القديمة." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. World History Encyclopedia, 07 Oct 2016. الويب. 11 Mar 2025.