تَّابُوتِ العهد

تعريف

Rebecca Denova
بواسطة {أ}، مترجمة بواسطة {ت}
نُشر على 09 July 2021
طباعة المادة PDF
Ark of the Covenant (by Mary Harrsch, CC BY-NC-SA)
تابوت العهد
Mary Harrsch (CC BY-NC-SA)

يشير تابوت العهد إلى الْوِعَاء الشبيه بالصندوق الذي كان يحتوي على ألواح الشريعة التي تسلمها موسى على جبل سيناء. يَزعُم التقليد أن الصندوق كان يحتوي على لوحين حجريين نحتهم الله، ويسردان الوصايا العشر الأولى التي أُعطيت لإسرائيل. يسرد سفر الخروج استلام اللوحين وتفاصيل بناء التَابُوتَ.

قاد موسى بنو إسرائيل بعد هروبهم من مصر، إلى جبل سيناء، حيث جاءه الوحي الأول من الله. ترك موسي الشعب في المخيم ومكث فوق الجبل أربعين يومًا وليلة. ما تلقاه موسى لم يكن مجرد فكرة الوصايا العشر التقليدية، بل ما سيصبح حرفيًا دستورًا لبني إسرائيل.

تلقى موسى وفقًا للتقاليد اليهودية، قدرًا كبيرًا من المعلومات خلال وجوده على الجبل، حيث ترد الكثير من التفاصيل في أسفار الخروج، واللاويين (دليل الكهنة)، والعدد (زمن تيه العبرانيين في البرية)، والتثنية (مصدر ثانٍ للتشريع الأصلي)، وزعم المحرّرون اللاحقون أن موسي حصل على مخططات بناء هيكل سليمان في أورشليم (حوالي 900 ق.م).

أصبحت الوصايا بمرور الوقت، تتلخص في عشر كلمات، مع اختصارها في عبارات قصيرة بالعبرية مثل: "لَا تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبك شَهَادَةَ زُورٍ."، "لاَ تَسْرِقْ". سُميت الوصايا العشر، (Δεκάλογος) من الترجمة اليونانية للتوراة، المسماة بالسبعينية، أما لاهوتيًا، فُهمت الألواح على أنها مقسمة كالتالي: الخمسة الأولى هي عناصر تتعلق بعبادة إله إسرائيل، والباقي يتعلق بالسلوك البشري للأمة. احتفظت الأيقونات الحديثة للألواح بالحروف العبرية واعتماد الأرقام الرومانية فيمَا بعد.

التَابُوتَ

بالنسبة للعديد من المؤرخين، فإن التفاصيل الدقيقة في سفر الخروج تشير إلى حقيقة التابوت.

يأتي مصطلح "التَابُوتَ" من الكلمة اللاتينية “ARCA” بمعني "صندوق"، وعلى الأرجح أن كلمة “תָּוַהּ” العبرية مشتقة من الكلمة البابلية التي تعني "القارب". كان لدى البابليين قصة سابقة للطوفان في ملحمة جلجامش، حيث كان التَابُوتَ عبارة عن قارب مثل سفينة نوح. كان مصطلح "التَابُوتَ" مشبعًا بالدلالات اللاهوتية، حيث استُخدمت الكلمة نفسها لسفينة نوح، والسَفَط التي طفت في النيل مع الطفل موسى، والصندوق الذي حمل الوصايا في النهاية. أصبحت هذه الثلاثة تُفهم على أنها أوعية الخلاص.

ضُمنت تعليمات بناء التابوت في مُعَدَّات ما سيصبح "المشكن" أو "خيمة الاجتماع":

"فَيَصْنَعُونَ لِي مَقْدِسًا لأَسْكُنَ فِي وَسَطِهِمْ... فَيَصْنَعُونَ تَابُوتًا مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ، طُولُهُ ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ، وَارْتِفَاعُهُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ. وَتُغَشِّيهِ بِذَهَبٍ نَقِيٍّ. مِنْ دَاخِل وَمِنْ خَارِجٍ تُغَشِّيهِ، وَتَصْنَعُ عَلَيْهِ إِكْلِيلًا مِنْ ذَهَبٍ حَوَالَيْهِ. وَتَسْبِكُ لَهُ أَرْبَعَ حَلَقَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَتَجْعَلُهَا عَلَى قَوَائِمِهِ الأَرْبَعِ. عَلَى جَانِبِهِ الْوَاحِدِ حَلْقَتَانِ، وَعَلَى جَانِبِهِ الثَّانِي حَلْقَتَانِ. وَتَصْنَعُ عَصَوَيْنِ مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ وَتُغَشِّيهِمَا بِذَهَبٍ. وَتُدْخِلُ الْعَصَوَيْنِ فِي الْحَلَقَاتِ عَلَى جَانِبَيِ التَّابُوتِ لِيُحْمَلَ التَّابُوتُ بِهِمَا... وَتَضَعُ فِي التَّابُوتِ الشَّهَادَةَ الَّتِي أُعْطِيكَ. وَتَصْنَعُ غِطَاءً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ طُولُهُ ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ، وَتَصْنَعُ كَرُوبَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ. صَنْعَةَ خِرَاطَةٍ تَصْنَعُهُمَا عَلَى طَرَفَيِ الْغِطَاءِ. فَاصْنَعْ كَرُوبًا وَاحِدًا عَلَى الطَّرَفِ مِنْ هُنَا، وَكَرُوبًا آخَرَ عَلَى الطَّرَفِ مِنْ هُنَاكَ. مِنَ الْغِطَاءِ تَصْنَعُونَ الْكَرُوبَيْنِ عَلَى طَرَفَيْهِ. وَيَكُونُ الْكَرُوبَانِ بَاسِطَيْنِ أَجْنِحَتَهُمَا إِلَى فَوْقُ، مُظَلِّلَيْنِ بِأَجْنِحَتِهِمَا عَلَى الْغِطَاءِ، وَوَجْهَاهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى الآخَرِ. نَحْوَ الْغِطَاءِ يَكُونُ وَجْهَا الْكَرُوبَيْنِ. وَتَجْعَلُ الْغِطَاءَ عَلَى التَّابُوتِ مِنْ فَوْقُ، وَفِي التَّابُوتِ تَضَعُ الشَّهَادَةَ الَّتِي أُعْطِيكَ. وَأَنَا أَجْتَمِعُ بِكَ هُنَاكَ وَأَتَكَلَّمُ مَعَكَ، مِنْ عَلَى الْغِطَاءِ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى تَابُوتِ الشَّهَادَةِ، بِكُلِّ مَا أُوصِيكَ بِهِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ." (خروج 25).

صُوِّرَ "غطاء التَّكفير" القماشي فيمَا بعد على أنه كرسي الرحمة الإلهي. أصبحت هذه التفاصيل أيقونية في الرسوم التوضيحية للتابوت. تشير التفاصيل الدقيقة للتابوت في سفر الخروج بالنسبة للعديد من المؤرخين، إلى حقيقته. تحتوي الإشارات اللاحقة للتابوت في التوراة على نفس التفاصيل.

التَّابُوتِ في البرية

كانت "خيمة الاجتماع" بمنزلة مزار متنقل خلال سنوات البرية، فداخل الخيمة، في الوَسْط، كان يوجد تابوت العهد، ثم دوائر القداسة المتعلقة بالأماكن المقدسة داخل الخيمة وخارجها؛ للكهنة والرجال والنساء. كان يُسمح لموسى وهارون وحدهما بالدخول إلى حضرة التابوت، وكان أول واجب عند إقامة معسكر جديد هو نصب التابوت، وكان آخر شيء يُنْزَلُ عند الانتقال. كان حاملو التابوت يوضعون في وَسْط التائهون لحمايتهم خلال انتقالهم. كان التابوت يحمله دائمًا سبط اللاويين، حفدة موسى وهارون.

The Ark Passes Over the Jordan
التابوت يعبر نهر الأردن
James Tissot (Public Domain)

وصف سفر العدد (9:15) مسكن التابوت بأنه كان مغطى بسحابة نهارًا ونار في الليل، دلالة على حضور الله بينهم.

"وَعِنْدَ ارْتِحَالِ التَّابُوتِ كَانَ مُوسَى يَقُولُ: «قُمْ يَا رَبُّ، فَلْتَتَبَدَّدْ أَعْدَاؤُكَ وَيَهْرُبْ مُبْغِضُوكَ مِنْ أَمَامِكَ».وَعِنْدَ حُلُولِهِ كَانَ يَقُولُ: «ارْجِعْ يَا رَبُّ إِلَى رِبَوَاتِ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ»." (عدد 10: 35-36)

وهكذا، فإن التقليد القديم يقول بأن التابوت كان يحمل القوة لهزيمة أعداء إسرائيل. كانت هذه هي الفرضية التي استند إليها الفيلم الشهير "إنديانا جونز وسارقو التابوت الضائع".

تروي الأسفار العدّة التالية من التوراة، قصص استقرار بني إسرائيل في أرض كنعان وتأسيسهم لملكية موحدة، فمع وفاة موسى وهارون في البرية، كان الأمر متروكًا ليَشُوعُ (مساعد موسى) لجلب القبائل إلى الأرض. قاد يَشُوعُ الكهنة القادمين من الشرق عبر نهر الأرْدُنّ حاملًا التابوت، وانشقت المياه في تكرار لعبور البحر الأحمر، وعند الهجوم على أريحا، حُمِلَ التابوت في طواف حول أسوار المدينة، حتى "سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا" (عبرانيين 11:30)، وبمجرد استقراره في الأرض، قرأ يَشُوعُ الشريعة على الشعب الواقف على جانبي التابوت على جبل جَرِزِيم.

استيلاء الفلستيون على التابوت

كان تابوت العهد موضوعًا في وسط هيكل سليمان، في ”قدس الأقداس“.

يحكي سفر القضاة عن الوقت الذي كان يحكم فيه كنعان اتحاد كونفدرالي للقبائل الاثني عشر، ولتجنب الهيمنة والغيرة القبلية، أقيمت "خيمة الاجتماع" في أراضي القبائل بالتناوب لفترات زمنية محددة. أدى غزو الفلستيون في نهاية العصر البرونزي (شعوب البحر في النصوص القديمة الأخرى) إلى عدة هزائم لبني إسرائيل. روى الإصحاح الرابع من سفر صموئيل الأول القرار الذي اتخذه كهنة شيلوه (حيث كان التابوت موجودًا مؤقتًا)، بأخذ التابوت إلى المعركة كتأمين من العدو. اثار استيلاء الفلستيون على التابوت ونصبه في معبد دَجون (إلههم الرئيس) في أشدود. فزعًا كبيرًا.

ما تلا ذلك كان قائمة من المشاكل للفلستيون، حيث وجدوا في كل صباح، تمثال دَجون على الأرض أمام التابوت. عوقب الفلستيون بالأورام والدمامل (على الأرجح الطاعون الدبلي)، وأهلكت آفة الفئران حبوبهم، فوضعوا التابوت على عربة وأعادوه إلى بني إسرائيل، وبقي التابوت في بلدة رياث يعاريم “קִרְיַת-יְעָרִים” (أبو غوش) مدة 20 سنة تالية.

هيكل سليمان والغزو البابلي

نشأ داود (حوالي عام 1000 ق.م) ملكًا على القبائل الأخرى فيمَا أصبح يُعرف باسم "المملكة الموحدة"، حيث احتل أورشليم (مدينة اليبوسيون) وجعلها عاصمة له. كان لدى داود خطط لبناء بيت دائم لله (هيكل حجري) وأمر بإحضار تابوت العهد إلى المدينة، وعندما تأرجحت العربة في الطريق، مدّ أحد السائقين يده ليوقف سقوطها فصُدم ومات. ثم أمر داود اللاويين بحمل التابوت إلى المدينة. لم يكن داود قادرًا على بناء الهيكل لأنه كان آثِم، لكن ابنه سليمان أنجز هذا العمل الفذ. وُضع تابوت العهد في وَسْط هيكل سليمان، في "قدس الأقداس". كان رئيس الكهنة المخول له دخول "قدس الأقداس" في يوم الغفران.

أصبح يوم الغفران شعيرة سنوية (لاويين 16). كان رئيس الكهنة يضحي بتيسين يحملان رمزيًا خطايا الشعب. أُرسل أحدهما إلى البرية وهو أصل كلمة (كبش فداء) وذُبح الآخر على المذبح، وكان الدم يُرش على كرسي الرحمة في تابوت العهد.

Solomon's Temple, Jerusalem
هيكل سليمان بالقدس
Unknown Artist (Public Domain)

يروي سفر الملوك الأول (14:25) بعد وفاة سليمان، قصة فرعون مصر شيشق الذي غزا المنطقة ونهب أورشليم. تم التعرف على شيشق على أنه شيشنق الأول من الأسرة الثانية والعشرين في مصر (القرن العاشر قبل الميلاد): "وَأَخَذَ خَزَائِنَ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنَ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ. وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ." يناقش العلماء ما إذا كانت الغنائم تشمل تابوت العهد.

يظهر التابوت بعد ذلك في سفر أخبار الأيام الثاني (35: 1-6)، عندما أمر الملك يوشيا (640-609 ق.م)، - وهو مصلح ديني -، اللاويين "اجْعَلُوا تَابُوتَ الْقُدْسِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ."، يفترض بعض المنظرين أن التابوت كان مخبأ أثناء غزو شيشق، وبقي حتى عهد يوشيا.

دمر البابليون في عام 587 ق.م، مدينة أورشليم وهيكل سليمان، وجاء في النص المنحول اللاحق من إسدراس الأول أنهم أخذوا "أَوانِي تابوت الله" وكنوز الملك مع الأسرى إلى بابل، ولكنه لا يحدد التابوت نفسه، ولا تذكر الأسفار اليهودية التي تروي قصص الحياة في بابل وفي بلاد فارس أي ذكر للتابوت، ومنذ هذه اللحظة في التسلسل الزمني لتاريخ إسرائيل بدأ العلماء وعلماء الآثار والهواة في القرنين الأخيرين بالبحث عن تابوت العهد، حيث يظل التابوت، الذي ينافس الكأس المقدسة، أحد أكثر الآثار المرغوبة في العصور القديمة. تستقي النظريات المتعلقة بالتابوت عناصرها من الأدب الهلنستي اليهودي.

تروي أسفار المكابيين الثورة اليهودية الناجحة ضد الحكم اليوناني تحت حكم أنطيوخس الرابع الظاهر في عام 167 ق.م، أما الكتاب الثاني فيزعم أن النبي إرميا أخفى خلال الغزو البابلي النار المقدسة للهيكل، وكذلك تابوت العهد:

"قَدْ جَاءَ فِي السِّجِلاَّتِ، أَنَّ إِرْمِيَا النَّبِيَّ أَمَرَ... بِمُقْتَضَى وَحْيٍ صَارَ إِلَيْهِ... أَمَرَ أَنْ يُذْهَبَ مَعَهُ بِالْمَسْكِنِ وَالتَّابُوتِ، حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي صَعِدَ إِلَيْهِ مُوسَى وَرَأَى مِيرَاثَ اللهِ. وَلَمَّا وَصَلَ إِرْمِيَا وَجَدَ كَهْفًا، فَأَدْخَلَ إِلَيْهِ الْمَسْكِنَ وَالتَّابُوتَ وَمَذْبَحَ الْبَخُورِ ثُمَّ سَدَّ الْبَابَ. فَأَقْبَلَ بَعْضُ مَنْ كَانُوا مَعَهُ لِيَسِمُوا الطَّرِيقَ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَجِدُوهُ. فَلَمَّا أُعْلِمَ بِذلِكَ إِرْمِيَا لاَمَهُمْ وَقَالَ: إِنَّ هذَا الْمَوْضِعَ سَيَبْقَى مَجْهُولًا إِلَى أَنْ يَجْمَعَ اللهُ شَمْلَ الشَّعْبِ وَيَرْحَمَهُمْ. وَحِينَئِذٍ يُبْرِزُ الرَّبُّ هذِهِ الأَشْيَاءَ، وَيَبْدُو مَجْدُ الرَّبِّ وَالْغَمَامُ كَمَا ظَهَرَ فِي أَيَّامِ مُوسَى، وَحِينَ سَأَلَ سُلَيْمَانُ أَنْ يُقَدَّسَ الْمَوْضِعُ تَقْدِيسًا بَهِيًّا" (2 مكابيين 4-10)

لا يزل جبل نيبو مكانًا شهيرًا للتنقيب غير القانوني، بالرغم من أن الحكومة الأردنية تحاول مراقبة هذه الأنشطة.

يوسيفوس وتابوت العهد

كان فلافيوس يوسيفوس (36-100 م) مؤرخًا يهوديًا وصف حصار بومباي (106-48 ق.م) لأورشليم عام 63 ق.م:

"ولكن لم يكن هناك شيء أثّر في الأمة في تلك المصائب التي ألمّت بهم أكثر من أن يُفتح موضعهم المقدّس، الذي لم يره رآه أحد من قبل، للغرباء؛ دخل بومبي، ومن كانوا معه، إلى الهيكل نفسه، الذي لم يكن يُسمح لأحد بدخوله سوى رئيس الكهنة، فرأوا ما كان محفوظًا هناك: المنارة (الشمعدان) مع مصابيحها، والمائدة، وآنية السكب، والمجامر، وكلها مصنوعة من الذهب الخالص، إضافة إلى كمية عظيمة من التوابل المكدّسة، ومعها ألفا وزنة من النقود المقدسة." (حروب اليهود، 1. 7. 7. 6).

الإغفال الأبرز في تلك القائمة هو تابوت العهد. كان يوسيفوس أيضًا شاهدًا على تدمير أورشليم ومجمع الهيكل على يد الإمبراطورية الرومانية عام 70م، على إثر الحرب التي أعقبت الثورة اليهودية الكبرى عام 66م. أورد يوسيفوس قائمة بالأسلاب: في وصف أكثر غموضًا للانتصار الروماني للإمبراطور الروماني تيتوس (حكم من 79 إلى 81) الروماني:

"أما أولئك الذين أُخذوا من هيكل أورشليم، كانوا أعظم ما تم عرضه من بين جميع الغنائم؛ أي المائدة الذهبية، التي كان وزنها يبلغ عدة وزنات، وكذلك الشمعدان (المنارة) المصنوع من الذهب... وآخر ما حُمل من الغنائم، كان شريعة اليهود." (الحروب، الكتاب 7: 147-151).

يقف قوس النصر لتيتوس اليوم في المنتدى الروماني، ونري الشمعدان (المنارة) ملحوظ، ولكن لا شيء يشبه تابوت العهد، ومع ذلك، ساهمت عبارة "شريعة اليهود" في نظريات لاحقة (ومستمرة) بأن التابوت لا يزال مخبأ في روما.

Temple of Solomon Treasure, Arch of Titus
كنز معبد سليمان، قوس تيتوس
Mark Cartwright (CC BY-NC-SA)

أين تابوت العهد؟

توجد بين مخطوطات الأسينيين المكتشفة في قمران قطعة فريدة من نوعها تعرف باسم المخطوطة النحاسية، كانت الحروف في هذه المخطوطة، مطروقة في صفائح من النحاس، تسرد المخطوطة 64 مكانًا أُخفيَ فيه الذهب والفضة، وكما هو الحال في المخطوطات الأخرى، فإن وصف الأماكن والمحتويات يكون أحيانًا بلغة مشفرة، بحيث يصعب كشف المواقع المحددة. تزعم بعض النظريات أن التابوت كان مخبأً أثناء حصار روما في الثورة اليهودية، وتقدم المخطوطة النحاسية دليلاً على ذلك.

ذُكر التابوت مرتين فقط في العهد الجديد، فالرسالة إلى العبرانيين (اختلف في تاريخها في الثمانينيات أو التسعينيات من القرن الأول الميلادي) تقول بأن المسيح هو رئيس الكهنة الحقيقي، مع وصف للهيكل السماوي الذي يشمل تابوت العهد. رأى يوحنا البطمسي في سفر الرؤيا، الهيكل في السماء "وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ" (11: 19).

كُتب في أواخر القرن الأول الميلادي، بعد خراب الهيكل نص رؤيوي يدعي "رؤيا باروخ"، ويروي قصة نزول الملائكة قبل الحصار لحفظ أدوات الهيكل حتى وقت "الترميم". أمرت الأرض أن "تبتلعهم" (6: 7).

بُحِثَ عن التابوت في أماكن أخرى، بجانب جبل نيبو وروما. نُظِّمَ فرسان الهيكل - وهم فرسان أوروبيون مكرسون للكنيسة - خلال الحروب الصليبية لحراسة للحجاج إلى الأرض المقدسة. هناك قصص تقول إنهم أثناء تخييمهم في جبل الهيكل في القدس، اكتشفوا كنوزاً شملت الكأس المقدسة وتابوت العهد، وعندما حُظِرَ الفرسان وأُعدِمَوا في عام 1307م، تكاثرت الشائعات حول نجاتهم مع كنوزهم على مر القرون. تقول النظرية الشائعة هي أن كنوزهم كانت مخزنة في "رِنّ لو شاتو" في جنوب فرنسا، ومنها إلى اسكتلندا، ومن ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث النظرية التي تقل إن فرسان الهيكل أصبحوا الماسونيين.

Knights Templar
فرسان الهيكل
Unknown Artist (Public Domain)

تقدم كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية واحدة من أشهر الادعاءات، حيث أعلنت أن تابوت العهد موجود في كنيسة العذراء مريم سيدة صهيون في مدينة أكسوم، وترد قصة رحلة التابوت من القدس إلى إثيوبيا في نصهم المقدس "سطوة الملوك". كان مِنيلك الأول (القرن العاشر قبل الميلاد) مؤسس الإمبراطورية الإثيوبية، وفقاً لهذا الادعاء، فهو ابن سليمان وملكة سبأ التي زارت القدس. تربى مِنيلك كيهودي، وزار العاصمة وفي رؤيا (عن الدمار الوشيك) أخذ التابوت الحقيقي وترك نسخة طبق الأصل.

كان في إثيوبيا جالية كبيرة من اليهود، نُقلت بقاياهم جواً إلى إسرائيل خلال عملية سليمان في عام 1991م، ولكن خلال العصور الوسطى، تحولت البلاد إلى الكنيسة الأرثوذكسية، لكن الكنيسة الإثيوبية تبنت التقاليد، حيث يوجد في كل كنيسة تابوت (صندوق) يشبه تابوت العهد، وهناك احتفال سنوي يسير فيه الكهنة في موكب وعلى رؤوسهم التابوت، ويُختار كاهن واحد ليقضي بقية حياته حارسًا للكنيسة في أكسوم، وتُرفض جميع الجهود المبذولة لرؤية التابوت بشدة.

جبل الهيكل والمعابد اليهودية اليوم

يقع الموقع الأصلي لمجمع الهيكل (الحرم القدسي) على طبقة صخرية، مع وجود العديد من الأنفاق المحفورة في الصخر، غير أن حرم الهيكل (الحرم القدسي) (مع ضريح قبة الصخرة) وضع تحت مسؤولية مفتي القدس (السلطة الإسلامية) في الأيام الأخيرة من الانتداب البريطاني عام 1948م، ومنعت السلطات الإسلامية أي حفريات أثرية لمجمع الهيكل (الحرم القدسي) ومحيطه في القدس، وخلال حفر نفق في عام 1981م الحائط الغربي (حائط البراق) تحت الحي الإسلامي، اُكتُشِفَ مدخل إلى المجمع، وعندما تسرب الخبر إلى الصحافة، أُوقِفَت جميع الحفريات. لا يزل جبل الهيكل أحد أكثر المناطق حساسية بالنسبة لليهود والمسلمين على حد سواء.

Mosaic of Temple Facade with Torah Ark
فسيفساء واجهة الهيكل مع التابوت التوراتي
Dana Murray (CC BY-NC-SA)

تحتوي المعابد اليهودية على محراب أو مكان خاص لتابوت العهد الرمزي. هذا هو المكان الذي تُحفظ فيه مخطوطات التوراة التي تحتوي على تعاليم موسى والأنبياء. يُوجه تابوت العهد ناحية القدس خارج إسرائيل، أما في إسرائيل نفسها، فيوم هاعاليا (עֲלִיָּה‏ "الصعود" أي الصعود إلى أورشليم)، هو عيد وطني يحتفل بعبور يشوع نهر الأردن أثناء حمله لتابوت العهد.

قائمة المصادر والمراجع

موسوعة تاريخ العالم هي إحدى شركاء أمازون وتحصل على عمولة على مشتريات الكتب المؤهلة.

نبذة عن المترجم

Mahmoud Ismael
مدرس تاريخ مهتم بترجمة المقالات والأبحاث التاريخية.

نبذة عن الكاتب

Rebecca Denova
ريبيكا آي دينوفا، حاصلة على درجة الدكتوراه، أستاذة فخرية للمسيحية المبكرة في قسم الدراسات الدينية بجامعة بيتسبرغ. وقد أكملت مؤخرًا كتابًا دراسيًا بعنوان "أصول المسيحية والعهد الجديد" (وايلي بلاكويل)

استشهد بهذا العمل

أسلوب APA

Denova, R. (2021, July 09). تَّابُوتِ العهد [Ark of the Covenant]. (M. Ismael, المترجم). World History Encyclopedia. مأخوذة من https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-15237/

شيكاغو ستايل

Denova, Rebecca. "تَّابُوتِ العهد." ترجمة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. آخر تعديل July 09, 2021. https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-15237/.

أسلوب MLA

Denova, Rebecca. "تَّابُوتِ العهد." ترجمة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. World History Encyclopedia, 09 Jul 2021, https://www.worldhistory.org/Ark_of_the_Covenant/. الويب. 23 Apr 2025.