دعي الإمبراطور الروماني مرقيان (حكم من 450 إلى 457م) لعقد مجمع خلقيدونية في عام 451م لتسوية السجالات المتعلقة بطبيعة (أقانيم، "حقيقة") المسيح التي بدأت في مجمعين سابقين في أفسس عامي (431م و439م). كان السؤال المطروح: هل كان المسيح إنسانًا أم إلًه؟ إنسانًا أصبح إلًه (عن طريق القيامة والصعود) أم إلًه أصبح إنسانًا (عن طريق التجسد، "اتخذ جسدًا")، وكيف أثرت إنسانيته وألوهيته على جوهره وكيانه، هذا إن كان لها تأثير فعليًا؟
كان القسيس السكندري آريوس، بعد وقت قصير من تحول الإمبراطور قسطنطين الكبير إلى المسيحية عام 312م، يطبق قواعد المنطق، وينادي ببساطة أنه إذا كان الله خلق كل شيء في الكون، فلا بد أنه في مرحلة ما خلق المسيح. تسببت هذه المقالة في جدل تمادي إلى أعمال عنف في جميع أنحاء مدن الإمبراطورية الرومانية، فمقالة آريوس تعني أنه إذا كان المسيح مخلوقًا، فهو تابع لله، ما حدا بالإمبراطور قسطنطين الكبير (حكم من 306 إلى 337م)، إلى عقد مجمع مسكوني في نيقية عام 325م لتسوية الأمر، وسعيًا لوحدة الإمبراطورية
نتج عن مجمع نيقية الأول ما أصبح يعرف بمفهوم الثالوث، القائل بأن المسيح كان من نفس جوهر الله، الذي أظهر نفسه في يسوع الناصري الأرضي. اخترع هذا المجمع عقيدة تُمليِ ما يجب على جميع المسيحيين أن يؤمنوا به، وفرض جنود الإمبراطور الآن قانون الإيمان النيقاوي، واُدينت الأريوسية باعتبارها هرطقة، ومع ذلك، فإن أولئك الذين وقفوا إلى جانب آريوس استمروا في إدراج تعاليمه ضمن جماعاتهم، فنتج عن ذلك اعتناق أحد أبناء قسطنطين، وهو قنسطانطيوس الثاني (حكم 337-361م)، المسيحية الآريوسية.
حُثَ المسيحيين مع بداية الغزوات البربرية في هذه الحقبة، على إظهار وطنيتهم، لمواكبة الكنيسة الإمبراطورية، ومع ذلك، استمرت الجماعات المسيحية في أنطاكيَة والإسكندرية معتمدة على وجهات نظرها في مناقشة الأباطرة الذين لديهم السلطة (الشرعية)، بشأن استمرار الآريوسية في بلاطهم ومواضيع أخرى، والمعضلة الأخرى هي أن مجمع نيقية تناول العَلاقة بين الله والمسيح فقط ولم يذكر شيئًا عن طبيعتهم.
الصراع بين الرؤى
كان الأساقفة المسيحيون لعدة قرون، يتنافسون فيمَا بينهم حول سلطة إملاء المعتقدات والشعائر على جميع المسيحيين، وكانت الكراسي (الأبرشيات) الرسولية الرئيسة هي (القدس، أنطاكيَة، الإسكندرية، القسطنطينية، وروما). رفع مجمع القسطنطينية الأول عام 381م مكانة روما فوق كل الكنائس (لاستشهاد القديسين بطرس وبولس الرسول بها)، رأت كنيسة الإسكندرية التي كان بها العديد من المدارس الفلسفية المسيحية في تلك إهانة لمكانتها، واستاءت كنيسة أنطاكيَة من ذلك لأنهم زعموا أن جماعتهم هم أول من دُعوا مسيحيين (وفقًا للوقا في سفر أعمال الرسل)، في حين تعرضت كنيسة القدس لأكبر إهانة، بالرغم من كونها موقع محاكمة، صُلْب، وقيامة يسوع الناصري. أُضيفَ إلى هذا المزيج ثلاث هرطقات أخرى وهم: (البولسية، النوفاتية، والنسطورية) التي تطلبت في النهاية مزيد من الحرومات والإملاءات الإمبراطورية.
البولسية
كان بولس السميساطي (200-275م) – الذي اشتق من أسمه مصطلح "البولسية" – أسقف أنطاكيَة من (260 إلى 268م)، ادعى في مناقشات سابقة حول الثالوث، أن يسوع ولد إِنسانًا ولكنه مملوء بالكلمة الإلهية "اللوغوس". كان "اللوغوس" هو مبدأ العقلانية (الذي نادي به الفيلسوف اليوناني أفلاطون، (428/427-348/347ق.م)، الذي ربط الإله الأعلى بالخليقة على الأرض، وغالبًا ما يُترجم إلى "الكلمة"، كما في إنجيل يوحنا: "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا"(يوحنا 1: 14). نادي المسيحيون الأوائل بنفس مفهوم "الكلمة"، في وقت لم تكن فيه المدارس الفلسفية المسيحية غير مكتملة، حيث لم تدرك أن "الكلمة" كانت في الواقع المسيح في شكل مسبق الوجود من الألوهية.
ومن خلال هذا التبني، لم يكن يسوع إلهًا صار إنسانًا، بل إنسانًا صار إلهًا. بمعني آخر: شارك يسوع الإنسان مشيئة الله الإلهية. أُدِينَ بولس بالهرطقة بعد تأسيس عقيدة الثالوث الرسمية في نيقية، ولكن كان هناك أتباع لتعاليمه في جميع أنحاء الإمبراطورية. عدّ المعمودية البولسية غير مقبولة وتتطلب إعادة المعمودية.
النوفاتية
كان نوڤاتيان (حوالي 20-258م) لاهوتيًا مسيحيًا رفض إعادة قَبُول أي مسيحي ارتد خلال اضطهاد الإمبراطور داكيوس (251م)، حيث قام بعض الأساقفة المسيحيين بتقديم الإضحيات للآلهة لتجنب الإعدام، وكان عليهم أن ينتظروا مغفرة الرب يوم الدينونة النهائية. يعتقد نوڤاتيان أن عضوية الكنيسة ليست مطلوبة للخلاص، ولكن لما كان الكنيسة مكونة من قديسين، فإن إعادة قَبُول هؤلاء الخطاة من شأنه أن تهدد المجتمع. وسّع أتباع نوڤاتيان فكرة عدم إعادة قَبُول جميع الذين ارتكبوا خطايا مُهلِكة مثل: (عبادة الأصنام، القتل، والزنا)، كما منع العديد منهم الزواج مرة أخرى بعد الطلاق أو الترمل.
النسطورية
كان نسطور (386-450م) رئيس أساقفة القسطنطينية من (428-431م)، وكانت تعاليمه الأكثر إثارة للجدل من بين تعاليم أخرى، هو رفضه رفع مريم إلى لقب "والدة الإله (ثيؤطوكس)" ("والدة لله" إشارة إلى ادعاء في القرن الثاني الميلادي بأن مريم ارتقت لأنها حملت الألوهية في رحمها). رفض نسطور لقب والدة الإله، ونادي بمصطلح "خريستوتوكوس" ("والدة المسيح")، وسواءً قصد تلك أم لا، اِستُنكرت النسطورية بحلول القرن الخامس الميلادي، باعتبارها تنادي بأقنومين مختلفين عن المسيح المتجسد، أو حقيقتين منفصلتين، واحدة إنسانية والأخرى إلهية.
لا تزل بالإضافة إلى هذه الآراء، جماعات يهودية مسيحية (مثل الأبيونيين) موجودة، خاصة في الإمبراطورية الرومانية الشرقية. الأبيونيين هم أتباع المسيح اليهودي الذين ما زالوا يجادلون في مسألة التحول الكامل للأمم (التحول لليهودية أو المسيحية)، ومارسوا (الختان، قوانين الغذاء، والسبت اليهودي)، ومن وجهة نظرهم، وُلد يسوع إنسانًا، لكن ظهور الله فيه خلق إنسانًا يتمتع بالتميز الأخلاقي، وقد بريء بموته وصعوده إلى السماء.
الاختيارات في أفسس
دعا الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني (حكم 402-450م) إلى مجمع أفسس الأول عام 431م لتسوية كل هذه الأمور. أولًا وقبل أي شيء، أُدينت جميع وجهات النظر اليهودية المسيحية باعتبارها هرطقات، ثانيًا، أُدينت بقية آراء وجماعات المسيحيين الغنوصيون، الذين نادوا أن المسيح لم يصير إنسانًا، بل ظهر كإنسان فقط حتى أُلغيت إنسانيته مثل (الدوسيتية).
تمسكت الوفود الرومانية بادعائهم بأن المسيح جوهرين متحدان في شخص واحد، بما في ذلك الروح العقلانية (الكلمة)، وذلك اتباعًا لتعاليم أفلاطون، في حين فضلت وفود أنطاكيَة تقليد الأناجيل عن يسوع الأكثر إنسانية، حيث إن إنسانية يسوع تعني أنه يمكن أن يكون أكثر تعاطفًا مع الصراعات البشرية، فالعناصر الإلهية موجودة في يسوع البشري، لكن الألوهية الكاملة حدثت فقط عند قيامته وتمجيده.
نادي الأريوسيون الباقون في الإسكندرية، أن المسيح كان تابعًا لله، وزعموا أنه إذا كانت "الكلمة" (اللوغوس) يمكنها الاتحاد مع الجسد، فإنها تتلقى انطباعات حسية، ولذلك فهو مُتَبَدِّل (مُتَغَيِّر)، وليس مطابقًا لله. إن الاتحاد بين الإلهي والإنساني في يسوع كان اتصالًا حقيقيًا، في المسيح، حيث تتحد الكلمة/الروح، الجسد، والنفس مع الإله ولا يمكن التأثير عليهما أو تغييرهما، لكن هذا كان اتحادًا دون تكوين طبيعة جديدة.
تجادل الأساقفة حول مدى إنسانية يسوع، طوال مدّة مداولات المجمع، ادعي الأسقف إكليمندس الإسكندري في وقت سابق أن يسوع كان يفتقر إلى المشاعر الإنسانية، بل إن الجملة الواردة في إنجيل يوحنا التي تقول "بَكَى يَسُوعُ." (11: 35) كانت رمزًا مجازيًا لخسارة خُطَّة الله للبشر، في حين نادي آخرون أن جسد يسوع كان مختلفًا، وأنقى من جميع البشر الآخرين، كانت روح يسوع نفس أصلية من قبل الخليقة، ومختلفة عن الأنفس البشرية، حتى إنهم ناقشوا ما إذا كان يسوع يأكل طَبِيعِيًّا أم (مجازًا واستعارة؟) وهل يقوم بوظائف بشرية أخرى (مثل التغوط)؟
اتفق كل هؤلاء اللاهوتيين على اتحاد الألوهية والإنسان ولكنهم اختلفوا على الطبيعة المتعلقة بكيفية تحقيق ذلك. ادعى أثناسيوس السكندري (ت 373م) فيمَا يتعلق بالخلاص، أن الخلاص ليس لإعطاء الله فرصة للمشاركة في حياة الإنسان ولكن حتى يتمكن البشر من المشاركة في الحياة الإلهية، لكي يصبح الإنسان إلهًا.
أيد الأسقف يوحنا الأنطاكي وكيرلس الإسكندري (الذي كان لديه دير) في مجمع أفسس، آراء نسطور، وعارضه سلستين الأول أسقف روما، ولكن بعد ذلك أرسل كيرلس الإسكندري رسالة إلى نسطور تحتوي على الحروم الاثنا عشر المشهورة التي كان لا بد له أن يقبلها وتدرج في كل لاهوت كنيسة الإسكندرية. تأخر كل من نسطور ويوحنا الأنطاكي في الوصول إلى المجمع وأُدِيناَ غيابيًا. وصل يوحنا بعد أربع أيام وأدان كيرلس. وصل مندوبو الأساقفة من روما في الأيام القليلة التالية، واقترحوا التصديق على إدانة نسطور مع إزالة الحرمان الكنسي المفروض على جماعة يوحنا والسماح لهم بالعودة للمسيحية مرة أخرى.
اشتهرت مجامع أفسس بالحرمان المستمر واتهامات الحرمان ضد الأساقفة من كلا الجانبين، ألقى الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني بمعظمهم في السجن، لكن كيرلس تمكن من الخروج. أُدينت جميع البدع الثلاث الكبرى (البولينية، النوفاتية، والنسطورية)، لكن مجمع أفسس الأول لم يصل لحلول جذرية، فتم عقد مجمع أفسس الثاني في عام 439م، وتم التوصل إلى أن ازدواجية الطبيعتين لم توجد إلا في اللحظة المثالية، قبل التجسد. وكان استنتاج مجمع أفسس الثاني أنه بعد الاتحاد لم يكن هناك سوى طبيعة واحدة.
مجمع خلقيدونية (451 م)
ظل أولئك الساخطون على مجمعي أفسس بعد وفاة الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني، يعترضون ويجادلون في وجهات نظر مختلفة، فدعا الإمبراطور مرقيان في عام 451م، إلى عقد مجمع خلقيدونية (بالقرب من القسطنطينية)، وكان الهدف هو تسوية مسألة طبيعتي المسيح وكيفية صياغة عقيدة التجسد، حضر المجمع 520 أسقفًا مع أتباعهم، وكان أكبر المجامع وأفضلها توثيقًا. أراد الإمبراطور مارقيان الإسراع في إنهاء جلسات المجمع وطالب بإصدار بيان حول عقيدة التجسد، وتقرر أنه لا توجد حاجة لعقيدة جديدة.
أصدر المجمع ما سمي بالتعريف الخلقيدوني أو الاعتراف الخلقيدوني:
"نعلّم بالإجماع، متّبعين الآباء القديسين، أنّنا نعترف بأن ربنا يسوع المسيح هو ذات الابن الواحد، هو ذاته كامل في اللاهوت وهو ذاته كامل في الناسوت. هو ذاته إله حق وإنسان حق من نفس عاقلة وجسد، من ذات جوهر الآب بحسب اللاهوت، وهو نفسه من ذات جوهرنا بحسب الناسوت، شبيه بنا في كل شيء ما عدا الخطيئة مولود من الآب قبل الدهور بحسب اللاهوت، وفي الأيام الأخيرة (مولود) هو ذاته لأجلنا ولأجل خلاصنا من العذراء مريم أم الله بحسب الناسوت. ذات المسيح الواحد، ابن، رب، وحيد، معروف في طبيعتين، بلا اختلاط، ولا تحوّل، بلا انقسام ولا انفصال، دون أي إلغاء لاختلاف الطبيعتين بسبب الاتحاد، بل بالحريّ مع احتفاظ كل طبيعة بخاصيّتها متلاقيتين في شخص واحد، في أقنوم واحد، مسيح لا يتجزأ أو لا يتقسم في شخصين، بل هو ذات الابن الواحد، وحيد، إله كلمة، الرب يسوع المسيح، كما علّم الأنبياء عنه منذ زمن طويل، وكما علّمنا يسوع المسيح نفسه، ونقله إلينا قانون الآباء". (هيرينج، 324)
توصلوا إلى استنتاج مفاده أن طبيعتي المسيح ظلتا متميزتين في اتحادهما؛ ولم تتضاءل أي من الطبيعتين بأي شكل من الأشكال عن طريق اتحادهما، أصدر المجمع أيضًا 27 قانونًا تأديبيًا يحكم إدارة الكنيسة وتسلسلها الهرمي (لوقف أنماط حياة وفساد رجال الدين). أعلن القانون 28 أن كرسي القسطنطينية الرسولي يتمتع بالوضع البطريركي مع امتيازات مساوية لكرسي روما.
العواقب
خلقت النتيجة المباشرة للمجمع المزيد من الانقسامات، وزعم بعض الأساقفة أن إعلان الطبيعتين هو معادل للنسطورية، وعلى الرغم من تنازل كنيسة الإسكندرية عن الطبيعتين منذ البداية، لكنها أكدت على أن الطبيعة الإلهية هي السائدة، صُنِفت كنيسة الإسكندرية الآن على أنها ذات ("طبيعة واحدة") "مونوفيزتية" ومن ثَمّ فهي كنيسة هرطوقية، ولم يكن هذا موقف لاهوتي فوق، بل انفصلت عن كل من القسطنطينية وروما وأنشأت الكنيسة القبطية المسيحية المستقلة في مصر تحت قيادة بابا خاص بها. عانت كنيسة الإسكندرية من الاضطهاد والقتل حتى وقت الفتح الإسلامي لمصر، الذي منحهم مكانة "أهل الكتاب"، اليهود والنصارى.
حمل الناجون النساطرة في الشرق، تعاليم نسطور إلى بلاد فارس ومناطق أخرى من الإمبراطورية البيزنطية وخارجها. كانت الجماعات النسطورية موجودة على طول طريق الحرير المؤدي إلى الصين والهند. ظهرت بشكل دوري بقايا التعاليم الهرطوقية، وبناء عليه كانت هناك جولات متواصلة من الحرمان والإدانات من القسطنطينية. ساهم وجود هذه الجماعات المتباينة بالإضافة إلى قضايا أخرى في النهاية في إنشاء المسيحية الأرثوذكسية الشرقية بشكل منفصل. انفصلت الكنيستان الرئيستان عام 1054م، إلى المسيحية اللاتينية (الكنيسة الكاثوليكية) والمسيحية الأرثوذكسية.
يجد العديد من المسيحيين المعاصرين صعوبة في فهم بعض التفاصيل الداخلية لهذه السجالات ولماذا أدت هذه الحجج إلى الإدانة والإعدام، لكن في السياق التاريخي للطرق التي غيرت بها المسيحية الإمبراطورية الرومانية المتأخرة، كانت المخاطر كبيرة؛ حيث عرّضت الاختلافات في تفسير مفهوم الخلاص ذاته المسيحيين للخطر.
أُضِيفَ ابتكار فريد من نوعه عندما بدأ المسيحيون بانتخاب أساقفة (مراقبون) في جماعاتهم، وهو أن هؤلاء الأساقفة لديهم القدرة على مغفرة الخطايا على الأرض مستندين في ذلك علي (قصة متى عن يسوع الذي كلف بطرس بهذا الدور)، وبناء عليه حصل الأساقفة على هذه القوة بواسطة "الرسامة"، أو "سر وضع الأيدي/سر الكهنوت"، الذي نقل قوة بطرس روحيًا إلى خلفائه، أصبحت الآن الأسرار المقدسة (المعمودية، الشركة، شعائر الزواج، إلخ) تحت سلطة الأسقف، وما جعل هذه الأسرار مختلفة عن الشعائر الأخرى هو الاعتقاد بأن روح الله كانت حاضرة حرفيًا في تلك اللحظة. كانت السجالات تدور حول مشكلة إبطال الأسرار المقدسة إذا اتُهم الأسقف بعدم اتباع إملاءات الكنيسة الإمبراطورية.
اخترع المسيحيون في القرن الثاني الميلادي، المفاهيم الأرثوذكسية ("المعتقدات الصحيحة") بدلًا من الهرطقة (من الكلمة اليونانية αἵρεσις، "مدرسة فكرية") باعتبارها أي شيء يختلف عن وجهات نظرهم، عندما تحول قسطنطين الأول، أصبح رئيسًا للإمبراطورية الرومانية والكنيسة أيضًا، وأي شخص يعارض الآن المعتقدات المسيحية للإمبراطور كان يعد مهرطقًا، مما يعني أنه مذنب بتهمة الخيانة، وفي ذلك الوقت، كما هو الحال الآن، كانت التفسيرات حاسمة بالنسبة للعلاقة بين الكنيسة والدولة. كَتَبَ كل أدبنا من هذه الحقبة نخبة من المسيحيين المتعلمين من الطبقة العليا. لا تزل كيفية قراءة أو فهم غالبية المسيحيين غير المتعلمين لهذه التعاليم مجهولة، لكن المسيحيين العاديين كان من الممكن أن يقعوا في العديد من الانقلابات والحروب الأهلية الناتجة عن هذه السجالات بين جيوش الأباطرة والأساقفة المختلفة المتنافسين.