الثورة الإيرانية

تعريف

Scarlett Hart
بواسطة ، تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael
نُشر في 13 February 2025
متوفر بلغات أخرى: الإنجليزية, الفرنسية
طباعة المقالة
Demonstration in Tehran (by Institute for Iranian Contemporary Historical Studies, Public Domain)
مظاهرات في طهران
Institute for Iranian Contemporary Historical Studies (Public Domain)

كانت الثورة الإيرانية (1978-1979م) هي الحركة الاجتماعية التي انبثقت عن استياء واسع النطاق ومتنوع من الحكومة الملكية في إيران. قامت الثورة الإيرانية ضد نظام محمد رضا شاه (حكم من 1941 إلى 1979م)، وبلغت ذروتها بنهاية حكم الأسرة البهلوية وتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية (1979م - حتى الآن).

اندلعت الثورة الإيرانية إثر المشاكل عميقة الجذور التي سبقت حكم الأسرة البهلوية (1925-1979م). كان هناك استياء عميق من غياب الديمقراطية في إيران، والظروف الاقتصادية، واللاأخلاقية الدينية في النظام الملكي والمجتمع كليًّا، والوجود الدائم للقوات الأجنبية. قامت الثورة الدستورية (1905-1907م) للتعبير عن هذا الاستياء والاحتجاج على حكم الأسرة القاجارية (1789-1925م)، مما أسفر عن وضع دستور ومجلس نيابي منتخب، وهو برلمان تمثيلي منتخب، غير أن استمرار تقرب الشاه من القوات الأجنبية ظل غير مرحب به وأدى في النهاية إلى زوال القاجاريين وتأسيس الأسرة البهلوية.

أصبحت الأسرة البهلوية، على الرغم من شعبيتها في بعض الأحيان، رمزًا للاأخلاقية الغربية وتدنيس المقدسات الدينية.

حرض الشاه الجديد، رضا شاه بهلوي (حكم 1925-1941م)، على برنامَج "التحديث"، والذي استمر في عهد خليفته محمد رضا شاه، على الرغم من الرفض الكبير من الزعماء الدينيين. أصبحت الأسرة البهلوية، على الرغم من شعبيتها في بعض الأحيان، رمزًا للاأخلاقية الغربية وتدنيس المقدسات الدينية. أصبحت الاحتجاجات سمة منتظمة للمجتمع الإيراني، وأسست ثورة 1978-1978م في نهاية المطاف جمهورية إيران الإسلامية.

الثورة الدستورية

كانت هناك اضطرابات متزايدة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في إيران، بين المثقفين العلمانيين ورجال الدين الشيعة ضد حكم الأسرة القاجارية التي قالوا إنها لم تقاوم التدخل الاقتصادي والسياسي الأجنبي بما فيه الكفاية.

أدى هذا السخط إلى الثورة الدستورية 1905-1907م. قادت الجماعات المعارضة لحكم مظفر الدين شاه (حكم من 1896 إلى 1907) إضرابات اقتصادية طويلة واحتجاجات في معظم المدن الرئيسية في جميع أنحاء إيران، في أكتوبر 1906م، وُضِعَ دستور تضمن قيودًا على السلطة الملكية وإدخال برلمان تمثيلي منتخب (يسمى المجلس). توفي الشاه بعد خمس أيام من توقيع الدستور في 3 يناير 1907. نص الدستور وإلى جانب القوانين الأساسية التكميلية التي قررت في أوائل عام 1907م، على حرية التعبير والصحافة وتكوين الجمعيات، بمنزلة تحول ديمقراطي جديد في إيران وسابقة لانتفاضة شعبية أدت إلى اضطرابات سياسية ناجحة.

Representatives of the First Iranian Parliament
ممثلو البرلمان الإيراني الأول
National Library and Archives of the Islamic Republic of Iran, World Digital Library (Public Domain)

أُطيح بالأسرة القاجارية في نهاية المطاف في الانقلاب الفارسي الذي حدث في فبراير 1921م بعد أن قاد الضابط العسكري رضا خان لواء القوزاق الفارسي للاستيلاء على السلطة. جلس رضا خان على العرش، ليصبح رضا شاه بهلوي، أول ملوك الأسرة البهلوية الجديدة.

رضا شاه بهلوي

كانت الأهداف الرئيسة لرضا شاه بهلوي تتمثل في تعزيز الحكومة المركزية و"تحديث" إيران من طريق مواءمتها بشكل أوثق مع أوروبا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وكان جزء من برنامجه "التحديثي" هو الحد من سلطة التسلسل الهرمي الديني، وهو ما نفذه في العديد من المجالات المختلفة. أنشأ رضا شاه نظامًا للتعليم العلماني، بما في ذلك إنشاء جامعة على الطراز الأوروبي في طهران عام 1935م، وسمح للنساء بالمشاركة، وفي جهد أكثر نشاطًا للحد من سلطة التسلسل الهرمي الديني، سن رضا شاه مراسيم لإنشاء مجموعة من القوانين العَلمانية، ومنع رجال الدين من تولي منصب القضاة، ونقل دور توثيق الوثائق من رجال الدين إلى الموثقين المرخص لهم من الدولة، فضلًا على ذلك، في عام 1932م، فُرض قانون اللباس الأوروبي، وفي عام 1936م، وحُظِرَ ارتداء الحجاب بشكل صريح.

Reza Shah in Persepolis
رضا شاه في برسبولس
Unknown Photographer (Public Domain)

أدي عدم تسامح رضا شاه مع المعارضة السياسية بالرغم من تمتعه بشعبية كبيرة، إلى نفور المثقفين ورجال الدين الشيعة، الذين أرادوا حكومة أكثر ديمقراطية، وأصبحت شرطته وجيشه عنيفين بشكل متزايد، وجسدت ثورة مسجد كوهرشاد في 13 يوليو 1935م هذا التحول في الجيش، عندما انتهكت القوات حرمة ضريح الإمام الرضا في مدينة مشهد، وقتلت عشرات المصلين الذين تجمعوا هناك للاحتجاج على الشاه.

تنازل رضا شاه في نهاية المطاف عن العرش في 16 سبتمبر 1941م، بعد غزو بريطانيا والاتحاد السوفييتي لإيران. خلفه ابنه على العرش، محمد رضا شاه بهلوي.

النفط ومحمد مصدق

أدى احتلال إيران إلى تقريب البلاد سياسيًا من القِوَى الغربية، مما أدى إلى مزيد من السخط الشعبي على الحكومة البهلوية، وأدى إقحام إيران في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) إلى ندرة الغذاء وزيادة التضخم بشدة، وغذت الخطابات القومية، ووجود القوات الأجنبية كراهيَة الأجانب، فضلاً عن ذلك، لم يكن مجلس الشورى، الذي كانت له مصالح خاصة، فعالًا في إخماد هذه المشكلات، مما أدى إلى زيادة الدعم لحزب توده الشيوعي الذي كان نشطًا في تنظيم عمال الصناعة.

كان النفط، وهو أكثر صادرات إيران ربحية، ساحة للتدخل الأجنبي في الحكم، فمنذ عام 1944م فصاعدًا، تنافست الحكومتان السوفييتية والأمريكية في مفاوضات للحصول على امتيازات نفطية من إيران، مما أدى إلى هجمات دعائية سوفييتية وغزوات عسكرية. انسحبت القوات السوفيتية في نهاية المطاف في مايو 1946م، بعد أن وقعت الحكومة اتفاقية نفطية مع الاتحاد السوفييتي.

وفي 15 مارس 1951م، صوّت المجلس الذي كان يقوده الآن زعيم الجبهة الوطنية محمد مصدق، على تأميم صناعة النفط.

شهد عام 1948م ازدياد الرغبة الشعبية في تأميم النفط في إيران، إذ اتضح أن الحكومة البريطانية كانت تجني من عائدات شركة النفط الأنجلو-إيرانية أكثر مما تجنيه الحكومة الإيرانية، وفي 15 مارس 1951م، صوّت المجلس الذي كان يقوده الآن زعيم الجبهة الوطنية (الذي عُيّن فيمَا بعد رئيسًا للوزراء في أبريل 1951م) محمد مصدق، على تأميم صناعة النفط.

خلقت شعبية مصدق وسياساته المعادية للغرب وتعنته فيمَا يتعلق بتأميم النفط خلافًا بينه والشاه، في يونيو 1953م، تحالفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للإطاحة بمصدق في عملية أياكس. قام الشاه، بالتعاون مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بعزل مصدق وتبع ذلك أربعة أيام من أعمال الشغب، غادر خلالها محمد رضا شاه البلاد، في 19 أغسطس 1953م، هزمت وحدات الجيش الموالية للشاه، بتمويل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، قوات مصدق، وعاد الشاه إلى إيران، وسُجن مصدق.

أعقب ذلك فترة من القمع السياسي حيث سعى محمد رضا شاه إلى تركيز السلطة في يديه. قمعت الأحزاب القومية والشيوعية، وقيدت وسائل الإعلام، وأصبحت الشرطة السرية (الساواك) أقوى، بينما خضعت الانتخابات لرقابة مشددة.

اِسْتِيَاء رجال الدين

كان رجال الدين الشيعة غير راضين بشكل متزايد عن التزام الأسرة البهلوية بالإسلام (أو عدمه). كان مشروع التحديث الذي أُتْبِعَ منذ عهد رضا شاه يتعرض باستمرار لانتقادات طبقات رجال الدين، ولا سيما تطبيق قواعد اللباس الأوروبي وحظر الحجاب، الذي فُسر على أنه رمز لتآكل القيم الإسلامية التقليدية. نشر روح الله الخميني، وهو رجل دين متوسط الرتبة، في عام 1944م، كتابًا بعنوان "كشف الأسرار" هاجم فيه مشروع الشاه التحديثي وسياساته المعادية لرجال الدين.

كانت المناقشات الدينية العَلمانية سمة منتظمة للمشهد السياسي في إيران منذ الثورة الدستورية، وبرزت مرة أخرى بعد الإعلان عن "الثورة البيضاء" لمحمد رضا شاه في يناير 1963م، وهو برنامَج تحديث من 6 نِقَاط تضمن إصلاح الأراضي وتأميم الغابات والمراعي وبيع المصانع الحكومية للقطاع الخاص، كما اقترح البرنامَج أيضًا تحرير المرأة والسماح لغير المسلمين بتولي المناصب، الأمر الذي اعتبره معظم رجال الدين الشيعة غير مقبول. ألقي القبض على آية الله الخميني في يونيو 1963م، من مدينة قُم بسبب خطاب هاجم فيه محمد رضا شاه و"الثورة البيضاء". أدى اعتقاله إلى اندلاع احتجاجات على مدى ثلاث أيام في جميع أنحاء البلاد، وهي الأعنف منذ الإطاحة بمصدّق قبل عشرة أعوام، التي قمعها الشاه بشدة في نهاية المطاف.

Shah Mohammad Reza Pahlavi
شاه محمد رضا بهلوي
Royal Court of Iran (Public Domain)

اقترحت الحكومة في أكتوبر 1964م، مشروع قانون يمنح الحصانة الدبلوماسية للعسكريين الأمريكيين الذين يخدمون في إيران وعائلاتهم، مما يسمح للأمريكيين بشكل أساسي بتجاوز المحاكم الإيرانية، لكن لم يحظَ مشروع القانون بشعبية كبيرة، خاصة بين رجال الدين الذين اعتبروا الولايات المتحدة مثالًا للاأخلاقية الغربية. هاجم الخميني، بعد إطلاق سراحه من الإقامة الجبرية في أبريل 1964م، مشروع القانون أمام جَمهور كبير في مدينة قُم. تُدُووِلَتِ تسجيلات هذه الخُطْبة على نطاق واسع، ولفتت انتباهًا كبيرًا للحركة الدينية المناهضة للشاه، وفي غضون أيام من هذه الخُطْبة، اعتُقل الخميني مرة أخرى ونُفي إلى تركيا، ومنها انتقل إلى العراق في أكتوبر 1965م.

واصل الخميني إصدار بيانات مناهضة للشاه من المنفى، وفي أواخر الستينيات، ألقى الخميني سلسلة من المحاضرات على الطلاب، ثم نُشرت هذه المحاضرات ووزعت ككتاب بعنوان "ولاية الفقيه"، وجادل بأن الملكية كشكل من أشكال الحكم تتعارض تمامًا مع الإسلام.

شكل الإيرانيون الشباب في الوقت نفسه، العديد من جماعات حرب العصابات السرية ضد النظام حيث بدت المعارضة القانونية غير فعالة. حَلَّ النظام معظم الجماعات بالقوة، لكن نجت جماعتان رئيستان: الفدائيون (فدائيو خلق) الذين كانوا ماركسيين أيديولوجيًا ومعادين للإمبريالية، والمجاهدون (مجاهدو خلق) الذين اعتبروا الإسلام أساس نضالهم السياسي. استخدمت الجماعتان تكتيكات متشابهة لتقويض نظام الشاه: حيث هاجمتا مراكز الشرطة، وقصفتا مكاتب أمريكية وبريطانية وإسرائيلية، واغتالتا ضباط أمن إيرانيين وعسكريين أمريكيين.

الاضطرابات والقلاقل السياسية

كان الاقتصاد الإيراني يعاني بحلول عام 1976م، وحاول الشاه استخدام عائدات النفط المتزايدة بعد أزمة أوبك لتوسيع الصناعة والبنية التحتية الإيرانية بما يتجاوز مواردها البشرية والمؤسسية، وتسبب ذلك في تفكك اقتصادي واجتماعي واسع النطاق، وكجزء من برنامَج التحديث الأوسع نطاقًا، استخدمت الحكومة الأموال المتزايدة لتأميم المدارس الثانوية الخاصة والكليات الأهلية، وخفض الضرائب على الدخل، وتنفيذ خُطَّة طموحة للتأمين الصحي، ومع ذلك، لم تكافح هذه البرامج بفعالية التضخم أو ارتفاع أسعار المنازل.

كانت احتجاجات عام 1977م في المقام الأول من الطبقة الوسطى والعلمانية، في حين كانت احتجاجات النصف الأول من عام 1978م بقيادة شخصيات دينية واستقطبت دعمًا من مجموعات أكثر تقليدية ومن الطبقات العاملة الحضرية.

كان هناك بحلول عام 1978م، أكثر من 60,000 أجنبي، بما في ذلك 45,000 أمريكي، في إيران، مما عزز التصور الشعبي بأن برنامَج الشاه للتحديث كان يقوض الطابع الإيراني والقيم والهوية الإسلامية للبلاد، وازداد القمع السياسي كرد فعل على المعارضة الشعبية المتزايدة وتأسيس دولة الحزب الواحد، الأمر الذي زاد من نفور الطبقات المتعلمة، ومنذ عام 1977م فصاعدًا، بدأت منظمات حقوق الإنسان في لفت الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، مما حدا بالرئيس الأمريكي كارتر إلى مكافحتها كجزءًا من سياسته الخارجية. استجاب الشاه بإطلاق سراح السجناء السياسيين والإعلان عن حماية قانونية جديدة للمواطنين. بدأت الجبهة الوطنية وحركة حرية إيران وغيرها من الجماعات السياسية في العمل والتنظيم من جديد، مستفيدين من هذه الحرية السياسية الجديدة.

كانت احتجاجات عام 1977م في المقام الأول من الطبقة الوسطى والعلمانية، في حين كانت احتجاجات النصف الأول من عام 1978م بقيادة شخصيات دينية واستقطبت دعمًا من مجموعات أكثر تقليدية ومن الطبقات العاملة الحضرية. انخرط المتظاهرون بشكل متزايد في أعمال عنف محسوبة؛ واستهدفت أكثر سمات النظام اعتراضًا؛ فعلى سبيل المثال، كانت النوادي الليلية ودور السينما رمزًا للفساد الأخلاقي والنفوذ الغربي، وكانت البنوك رمزًا للاستغلال الاقتصادي، وكانت مراكز الشرطة رمزًا لعنف النظام البهلوي.

اتجهت الشعارات والملصقات المناهضة للشاه إلى استخدام الخميني كوجه للثورة والقائد المقترح للدولة الإسلامية المثالية، ومن المنفى، استمر الخميني في الحث على مزيد من المظاهرات والتحذير من أي تسوية مع النظام، في أغسطس 1978م، لقي أكثر من 400 شخص حتفهم في حريق أشعله طلاب متدينون في سينما ريكس، وانخفضت شعبية الحكومة أكثر نتيجة نجاح شائعة أن الحريق كان من فعل الشرطة السرية، وليس من فعل الطلاب ذوي الميول الدينية.

الثورة

بدأت المظاهرات المناهضة للحكومة في 4 سبتمبر 1978م، نهاية شهر رمضان، تنتشر في جميع أنحاء إيران واتخذت نبرة راديكالية متزايدة. أعلنت الحكومة الأحكام العرفية في طهران و11 مدينة أخرى، ووقعت مذبحة ساحة جاليه في 8 سبتمبر، عندما أطلقت قوات محمد رضا شاه النار على حشد من 20,000 متظاهر مؤيد للخميني في طهران. يتراوح عدد القتلى الرسمي، كما ذكرته الحكومة، بين 84 و122 قتيلًا، بالرغْم أن الرقم الفعلي محل خلاف واسع، ومن المرجح أن يكون العدد أكبر من ذلك. أصبح هذا اليوم معروفًا في إيران باسم "الجمعة السوداء"، وأدى إلى مزيد من السخط ضد الحكومة.

Demonstration of 8 September 1978
مظاهرة 8 سبتمبر 1978
Islamic Revolution Document Center (Public Domain)

انتقل الخميني، بعد طرده من العراق عام 1978م، إلى فرنسا، مما أعطى حركته المعارضة انتشارًا أوسع في وسائل الإعلام العالمية، وسمح الاتصال الهاتفي الأفضل بتحسين التنسيق بين حركات المعارضة.

بدأ عمال القطاع العام وصناعة النفط في سبتمبر 1978م، بإضرابات منتظمة على نطاق واسع، مطالبين بتحسين الأجور وظروف العمل، وتحوّلت هذه المطالب إلى دعوات للتغيير السياسي، حيث انضمت الحركة إلى زخم المظاهرات الأوسع المناهضة للشاه. أدت أيضًا ندرة الوقود والنقل والمواد الخام إلى توقف القطاع الخاص عمليًا عن العمل بحلول نوفمبر، وأدرك الشاه أن قبضته على المجتمع الإيراني تتراجع، فأغلق المدارس والجامعات، وأوقف الصحف، وحظر الاجتماعات التي تضم 4 أشخاص أو أكثر في طهران، وحاول إحلال السلام عن طريق الأمر بالإفراج عن أكثر من 1000 سجين سياسي، بمن فيهم آية الله حسين علي منتظري، أحد رفاق الخميني، ومع ذلك، لم يكن لهذه التنازلات التأثير المطلوب، حيث وصف الخميني الوعود بأنها لا قيمة لها ودعا إلى مواصلة الاحتجاج. استؤنفت الإضرابات، مما أدى إلى إغلاق الحكومة بالكامل.

شارك مئات الآلاف من الناس في 10 و11 كانون الأول/ديسمبر، في مسيرات مناهضة للنظام في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الشاه. دخل الشاه بعد ذلك في مناقشات مع زعيم الجبهة الوطنية شابور بختيار، الذي وافق على تشكيل حكومة في ظل حكم أسرة بهلوي شريطة أن يغادر محمد رضا شاه البلاد. صوّت المجلس في 3 يناير 1979م، لمصلحة تشكيل بختيار للحكومة، وفي 6 يناير قدم بختيار للشاه حكومته الجديدة، وفي 16 يناير، هرب محمد رضا شاه من إيران، وانطلقت الاحتفالات في جميع أنحاء البلاد مع انتشار الخبر.

حكومة بختيار

حاول رئيس الوزراء بختيار على الفور أن ينأى بحكومته عن نظام الشاه، عن طريق رفع القيود المفروضة على الصِّحافة، وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين المتبقين، ووعد بحل الساواك (منظمةُ الاستخباراتِ والأمنِ القوميِّ)، وفي حين حظيت هذه الحكومة التوافقية بدعم رجال الدين المعتدلين، إلا أن معظم المتظاهرين، وعلى رأسهم الخميني والأيديولوجيات اليسارية، ظلوا متمسكين بإنهاء النظام الملكي. طردت الجبهة الوطنية بختيار من الحزب بسبب استسلامه للنظام البهلوي، وأعلن الخميني أن حكومته غير شرعية، وفي 29 يناير، دعا الخميني إلى "استفتاء الشارع" على النظام الملكي، مما أدى إلى مظاهرة حاشدة شارك فيها أكثر من مليون شخص في طهران.

عاد الخميني أخيرًا إلى إيران، في الأول من فبراير، حيث استُقبِلَ بحفاوة بالغة، وفي خطاب ألقاه في اليوم التالي، عيّن مهدي بازركان رئيسًا لوزراء الحكومة المؤقتة، وفي الأيام التالية، تضاءل ولاء القوات المسلحة لبختيار، وفي 8 و9 فبراير أعلنت القوات الجوية ولاءها الجديد للخميني، وبعد ذلك فُتِحَت ترسانة القاعدة الجوية ووُزِّعَت الأسلحة على الحشود، وفي 11 فبراير، أعلن كبار القادة العسكريين "حياد" القوات المسلحة، وهو ما كان بمنزلة سحب الدعم من حكومة بختيار، وبحلول بعد الظهر، كان بختيار مختبئًا والعاصمة في أيدي المتمردين: حيث سقطت الأسرة البهلوية.

اليوم التالي - بازركان والحكومة المؤقتة

أصبح بازركان بإعلان الخميني، أول رئيس وزراء للنظام الثوري في فبراير 1979م، ومع ذلك، كانت البلاد لا تزل ملتهبة بالمشاعر الثورية، مما يعني أن الحكومة لم تكن تسيطر على المجتمع أو على بيروقراطيته، ومنذ إنشاء المئات من اللجان الثورية شبه المستقلة خلال الثورة، لم تعد هناك سلطة مركزية فعالة.

Ayatollah Khomeini
اية الله الخميني
Sharok Hatami (Public Domain)

لم يري الخميني نفسه ملزمًا بالحكومة؛ حيث أصدر بياناته السياسية الخاصة، وعيّن ممثلي الحكومة، وأنشأ مؤسسات جديدة من دون بازركان، فأصبح رئيس الوزراء الآن يتقاسم السلطة مع مجلس الثورة، وهي مؤسسة أنشأها الخميني في يناير 1979م، وأُنشِئَت محاكم ثورية جديدة لمحاكمة ومعاقبة المتعاونين مع النظام السابق، ومنذ ذلك الحين، كانت عمليات إعدام ضباط الجيش والشرطة وعملاء الساواك والوزراء ونواب المجلس تحدث يوميًا. كانت الأنشطة القاسية للمحاكم مثيرة للجدل إلى حد بعيد، وفي 14 مارس، أصر بازركان على تعليق أنشطة المحاكم الثورية، ومع ذلك، في 5 أبريل، أعيد تفويض المحاكم من قبل مجلس الثورة، حيث أُعدِمَ أكثر من 550 شخصًا قبل نوفمبر 1979م، وقت استقالة بازركان أخيرًا.

أنشأ الخميني، في محاولاته لأسلمة إيران، مؤسسات مختلفة للقيام بذلك، بما في ذلك الحرس الثوري الإسلامي، وهي قوة عسكرية موالية لقادة رجال الدين نمت قوتها بسرعة. أصبح بازركان عاجزًا تمامًا. أُجْرِيَ استفتاء وطني في 30 و31 آذار/مارس 1979م لتحديد النظام السياسي للبلاد في مرحلة ما بعد الملكية، ومع ذلك، لم يكن التصويت سريًا، ولم يكن هناك سوى شكل واحد من أشكال النظام السياسي في الاقتراع: الجمهورية الإسلامية. أعلن الخميني في 1 أبريل، قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث أعيدت كتابة الدستور في وقت لاحق لإرساء أساس لهيمنة رجال الدين وإعطاء السلطة المطلقة للخميني بصفته الفقيه (المعروف بقائد الثورة ووريث عباءة النبي).

أذكى الخميني والوعاظ الشعبويون والأحزاب اليسارية نيران المشاعر المعادية لأمريكا المنتشرة فعلًا، وفي أكتوبر م1979، ذهب الشاه السابق محمد رضا بهلوي لتلقي العلاج الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي أقلق الجمهورية الإسلامية، إذ خشي الإيرانيون من أن يُستخدم مرضه لتأمين دعم الولايات المتحدة لانقلاب على الثورة، وبعد لقاء بازركان بمستشار الرئيس الأمريكي كارتر للأمن القومي في الجزائر، تظاهر مئات الآلاف من الناس في طهران، واحتل بعض طلاب "خط الإمام الخميني" السِّفَارة الأمريكية، واحتجزوا 52 دبلوماسيًا أمريكيًا كرهائن، وبعد يومين من اندلاع الاحتجاجات، استقال بازركان من منصبه في 6 نوفمبر 1979م، وتولى مجلس الثورة مهام رئيس الوزراء، إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشورى. استمرت أزمة الرهائن الإيرانيين لمدة 444 يومًا وأسفرت عن انهيار كامل للعلاقات الأمريكية الإيرانية.

أسئلة وأجوبة

ما هي الثورة الإيرانية؟

كانت الثورة الإيرانية تعبئة اجتماعية واضطرابات سياسية التي أدت إلى سقوط الأسرة البهلوية (1925-1979) وتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

لماذا حدثت الثورة الإيرانية؟

كانت الأسرة البهلوية لا تحظى بشعبية واسعة النطاق لعقود قبل الثورة، خاصة بين الإيرانيين اليساريين والمتدينين. وقد أعطت السلالة البهلوية الأولوية لمشروعات ”التحديث“، مما أدى إلى اضطهاد العمليات الدينية التقليدية والانحياز السياسي لإيران مع الولايات المتحدة الأمريكية.

قائمة المصادر والمراجع

موسوعة التاريخ العالمي هي إحدى شركات Amazon Associate وتحصل على عمولة على مشتريات الكتب المؤهلة.

نبذة عن المترجم

Mahmoud Ismael
مدرس تاريخ مهتم بترجمة المقالات والأبحاث التاريخية.

نبذة عن الكاتب

Scarlett Hart
سكارليت خريجة حديثة في علوم الإنسان والمجتمع والسياسة، وتتمتع باهتمام خاص بقضايا الجندر والاستعمار والتاريخ الحديث للشرق الأوسط.

استشهد بهذا العمل

نمط APA

Hart, S. (2025, February 13). الثورة الإيرانية [Iranian Revolution]. (M. Ismael, المترجم). World History Encyclopedia. تم استرجاعها من https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-23980/

أسلوب شيكاغو

Hart, Scarlett. "الثورة الإيرانية." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. آخر تعديل February 13, 2025. https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-23980/.

أسلوب إم إل إيه

Hart, Scarlett. "الثورة الإيرانية." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. World History Encyclopedia, 13 Feb 2025. الويب. 21 Feb 2025.