شكلت الحروب الصليبية التي بدأت في النصف الثاني من القرن 11 م. وإستمرت حتى القرن 15 م. واحدة من أكثر الأحداث الحاسمة في العصور الوسطى في كل من أوروبا والشرق الأوسط. فأينما حلت جلبت الحملات عواقب وخيمة ، لكنها دفعت أيضًا إلى تغييرات جذرية داخل الدول التي نظمتها وشنتها. وحتى بعد انتهاءها، استمرت تأثيرات الحروب الصليبية من خلال الاعمال الأدبية والوسائل الثقافية الأخرى، بل وبُعثت كفكرة ما زال يسمع صداها حتى الآن، مع إستمرارها اللامتناهي بالتأثير على تفاصيل العلاقات الدولية.
تم تقديم العديد من الفرضيات المبالغ فيها المتعلقة بآثار ونتائج الحروب الصليبية على الحياة العامة في العصور الوسطى وما بعدها. مع العلم، ومن دون أدنى شك، حدثت تغييرات مهمة في الحياة والمجتمع والسياسة من القرن الحادي عشر حتى القرن 14 م ، ولكن من الحكمة التنبه إلى ما جاء على لسان المؤرخ والمتخصص في الحروب الصليبية توماس أسبريدج ، حيث قال:
لا يزال الدور المحدد أو إن صح التعبير الواضح للحروب الصليبية موضع جدل ونقاش، لأن أي محاولة لتحديد تأثير هذه الحركة هي محاول محفوفة بخطورة الوقوع بالخطأ ، لأن هذه المحاولة ، تتطلب تتبع وعزل خيط واحد داخل "الحبكة" التاريخية المتشعبة والمتفرعة، وإعادة بناء العالم الإفتراضي، إذا كانت الغاية هي إزالة وعزل هذا الخيط، بعض تأثيرات هذه الحروب واضحة، ولكن العديد من الملاحظات ، يجب ، وبحكم الضرورة ، أن تقتصر على تعميمات واسعة (664-5).
وعليه، إن نتائج الحروب الصليبية يمكن تلخيصها بالعبارات العامة التالية:
- حضور متزايد للمسيحيين في بلاد الشام خلال العصور الوسطى.
- تطور مفهوم التنظيمات الرهبانية العسكرية.
- الإستقطاب الحاد بين عوالم الشرق والغرب على أساس التباين الديني.
- وضع المخططات الدينية العسكرية عهدة التنفيذ في الشرق، وشبه الجزيرة الأيبيرية (حروب الإسترداد)، ومنطقة البلطيق على وجه الخصوص (الحملات الصليبية الشمالية).
- تنامي دور البابوات والكنيسة الكاثوليكية في الشؤون الدينيوية والمدنية.
- تدهور العلاقات بين الغرب والإمبراطورية البيزنطية وصولاً إلى إنهيار الأخيرة.
- زيادة نفوذ وسطوة العائلات الملكية الأوروبية.
- تشكل خاصية ثقافية ذات نزعة جماعية في القارة الأوروبية (مملكتي فرنسا وإنكلترا).
- بروز ظاهرة رهاب الأجانب والتعصب الديني بين المسيحيين والمسلمين ، وبين المسيحيين واليهود ، والمسيحيين والوثنيين.
- زيادة التجارة الدولية وتبادل الثقافات والأفكار والتكنولوجيا.
- تعاظم دور المدن الإيطالية الساحلية مثل البندقية وجنوة وبيزا.
- إستيلاء الأوربيين على الكثير من الذخائر الدينية المقدسة ونقلها إلى أوروبا.
- إستخدام سابقة "التاريخ الديني" لتبرير حركة الإستعمار، والحرب على الإرهاب.
الشرق الأوسط والعالم الإسلامي
كان سقوط القدس يوم 15 تموز / يوليو 1099م أول مؤشر جيوسياسي على نجاح الحملات الصليبية ، ولكن لضمان بقاء المدينة تحت الهيمنة المسيحية ، كان من الضروري إنشاء مستوطنات غربية في الشرق (شُملت جميعها بمصطلح الشرق اللاتيني ، الدول الصليبية ، أو بلاد ما وراء البحر ، بالفرنسية: Outremer). ومن أجل الدفاع عنها ، برزت الحاجة الملحة إلى وجود خط إمداد صليبي دائم في العصور التي تلت تأسيسها ، فتم إنشاء التنظيمات الرهبانية العكسرية من الفرسان المحترفين ، مثل تنظيم فراس الهيكل (Knights Templar) أو فرسان الداوية ، وفرسان الإسبتارية (Knights Hospitaller) أو فرسان القديس يوحنا. بدورها ، ألهمت تلك التنظيمات تشكيل تنظيمات فروسية أخرى مثل تنظيم الرباط (Order of the Garter) في إنكلترا (تأسس عام 1348) ، والتي شددت على المنافع التي يجنيها أعضائها من إقامة حملات عسكرية بإسم الصليب.
على الرغم من التواجد العسكري الكثيف في الأراضي المقدسة ، واستمرار حملات التجنيد في أوروبا دون إنقطاع ، والزيادة في تورط الملوك والأباطرة فيها ، فقد ثبت أنه من المستحيل التمسك والحفاظ على مكاسب الحملة الصليبية الأولى دون المزيد من شن الحملات ، فقد تطلب الأمر الكثير من المجهود الحربي لاستعادة مدن مثل الرها والقدس نفسها ، بعد سقوطها مرة أخرى عام 1187 م ولهذا الغرض ، نظمت ثماني حملات صليبية رسمية (مدعومة كنسيًا) بالإضافة إلى العديد من الحملات الأخرى غير الرسمية خلال القرنين 12 و 13 م والتي باءت جميعها بالفشل ، وفي النهاية ، وتحديدًا عام 1291 م ، ابتلعت دولة المماليك ما تبقى من الدول الصليبية في المنطقة.
كان العالم الإسلامي ، قبل بداية الحروب الصليبية ، قد شرع بالجهاد الحقيقي - غالبًا ما تُترجم "بالحرب المقدسة" ولكنها تعني ، بشكل أكثر دقة ، الكفاح من أجل الدفاع عن الإسلام وتمدد أراضيه. فعلى الرغم من الاهمية الدينية لمدينة القدس بالنسبة للمسلمين ، إلى أن الساحل الشامي لم يكن ذي أهمية إقتصادية وسياسية لدول الخلافة في مصر ، وسوريا ، والعراق. وكان العالم الإسلامي نفسه منقسمًا إلى طوائف ومذاهب إسلامية مختلفة (السنة ، الشيعة ، الإسماعيلية ، النزارية ، الدروز..) ومحاطًا بخصومات سياسية خطيرة ، ويعاني من صراع المدن والمناطق الداخلية ، ولطالما وفرت الحروب الصليبية فرصة لتحقيق الوحدة الإسلامية لمجابهة أخطار الغرب ، كما هو الحال مع صلاح الدين سلطان مصر وسوريا (1174-1193 م) ، إلا أن هذه الفرصة لم يتم إستغلالها بالشكل الصحيح في كثير من الأحيان ، ولكن صلاح الدين أجاد إستخدامها كغرض دعائي فعال ، بحيث صورنفسه زعيمًا للعالم الإسلامي والذي بيده ، وبيده فقط ، القدرة على وقف وردع الإعتداءات الصليبية المتكررة.
انتشار حمى الحملات الدينية الصليبية
امتدت الحركة الصليبية إلى إسبانيا حيث شُنت في القرنين 11 م و 13 م هجمات ضد المسلمين الموريين ، وهو ما سمي بحملات الإسترداد (Reconquista) ، وقد شهدت بروسيا ودول البلطيق (الحملات الصليبية الشمالية في أوروبا) ، ومناطق شمال إفريقيا ، وبولونيا ، والكثير من الأماكن غيرها ، حملات صليبية إمتدت من القرن 12 م حتى القرن 15 م بإعتبارها النموذج الصليبي المثالي ، وعلى الرغم من نتائجها العسكرية المروعة (شُنت تلك الحملات على جماعات لا تعتنق المذهب المسيحي الكاثوليكي أو جماعات وثنية أوروبية) ، فقد استمرت القيم الصليبية في جذب القادة والجنود والناس العاديون في الغرب. أخيرًا ، كان تأثير مبدأ الحروب الصليبية ، قد طال غالبية الأفراد في أوروبا بحلول القرن 14 م ، فالغالبية من الناس كانت قد خضعت ووقعت تحت تأثير عظة واحدة على الأقل والتي تناولت فيها مزايا تلك الحروب ، والحاجة إلى المزيد من التحشيد والدعم المادي. في الواقع ، قلة قليلة من الناس بقيت بمنأى عن ضرائب الدولة والكنيسة التي كانت تفرض بإنتظام لتمويل المجهود الحربي الصليبي.
الكنيسة الكاثوليكية
ساعد نجاح الحملة الصليبية الأولى ، والطريقة التي أدار بها البابوات شؤون العالم المسيحي بأسره ، على منحهم لليد العليا في القرار السياسي الأوروبي ، على حساب أباطرة هوهنشتاوفن (أباطرة الإمبراطورية الجرمانية المقدسة). كما أنشأت الكنيسة الكاثوليكية - بنظرها - مسارًا جديدًا وسريعًا لدخول الجنة ألهم العديد من الفقراء والمؤمنين، المتمثل بتقديم الوعد الخالص بأن الصليبيين سوف يحصلون على المغفرة الفورية لخطاياهم - فإمتزج مفهوم الخدمة العسكرية مع مفهوم التكفير عن الذنب بحيث أصبحت المشاركة في الحملات الصليبية ضربًا من ضروب الخلاص - مع العلم ، بأن ذلك لم يحمِ مكانة البابوية من الإهتزاز في كثير من الأحيان ، خصوصًا مع كل حملة صليبية جديدة تنتهي بالفشل بمعزل عن حقيقة النجاحات الإقليمية في إسبانيا وشمال شرق أوروبا التي عززت من سطوتها إلى حد كبير. إحدى أهم النتائج السلبية بالنسبة للكثيرين ، تمثلت بالموافقة الرسمية للكنيسة على إمكانية الحصول على "المنفعة الدينية" مقابل بدل مادي ، مثلاً إذا لم يستطع المرء أو لم يرغب في المشاركة شخصيًا بحملة صليبية ، فإن تقديم المساعدة المادية للآخرين من الذين إنغمسوا في هذه الحملات ، سوف يعود عليه بنفس النتائج والفوائد الروحية المرجوة ، وكأنه يشتري خلاصه. تم تدعيم هذه الفكرة من قبل الكنيسة الكاثوليكية لإنشاء نظام متكامل من الانغماس المعنوي والروحي والإلتزام المادي المتمثل بشكل غير مباشر في دفع ضرائب المجهود الحربي ، وهي حالة ساهمت في ظهور حركة الإصلاح الديني في القرن 16 م.
الإمبراطورية البيزنطية
تسببت الحروب الصليبية في تشظي العلاقات الغربية البيزنطية ، أولاً ، كان هناك خوف بيزنطي من جموح المقاتلين اللامتناهي والذي أحدث خرابًا على مقياس غير مسبوق داخل مدنهم وأراضيهم. فنشوب القتال بين الصليبين والبيزنطيين كان أمرًا شائعًا ، مما زاد من انعدام الثقة والشك بالنوايا المتبادلة فيما بينهم. كما كانت علاقة يشوبها الإضطراب وقد ازادت سوءا ، سيما بعد تبادل الإتهامات بعدم إظهار الطرفين الرغبة بالدفاع عن مصالح الطرف الآخر. وقد بلغ الوضع ذروته عند إحتلال مدينة القسطنطينية المروع عام 1204 م خلال الحملة الصليبية الرابعة ، والتي شهدت أيضًا استيلاء القوى الأوروبية على العديد من القطع الفنية والذخائر الدينية. كل هذا أدى لإنهاك الإمبراطورية البيزنطية وتركَ أثارًا وجروحًا طويلة الأمد ، بحيث ظهرت نتائجها يوم حصار العثمانيين للقسطنطينية عام 1453 م ، حيث لم تبد المدينة المقاومة المرجوة لردع الإعتداء العثماني ، فسقطت وزالت نهائيًا عن الخارطة السياسية.
أوروبا
بفضل الزيادة في الضرائب ، والإستحواذ على المزيد من الثروات في الشرق الأوسط ، والزيادة في التعرفات الجمركية التجارية ، بلغ نفوذ الأسر الملكية الحاكمة في أوروبا حد القوة ، وزاد الإستقطاب المركزي للبلاط الملكي. أضف إليها خسارة العديد من الامراء والنبلاء لأرواحهم خلال الحروب الصليبية من الذين رهنوا أراضيهم إلى "التاج او الأسرة الحاكمة" لتمويل حملاتهم وحملات أتباعهم ، كل هذا ساهم بزيادة ثروات وسطوة البيوتات الملكية في أوروبا. كما شهد النظام الإقطاعي تدهورًا كبيرًا ، بحيث قام العديد من الأمراء ببيع أراضيهم لتمويل رحلاتهم ، مما أسهم في تحرير الأقنان والفلاحين الذين ربحوا حريتهم.
أتاح غزو الأراضي التي يسيطر عليها المسلمون في جنوب إيطاليا وجزيرة صقلية وشبه الجزيرة الأيبيرية الوصول إلى المعرفة الجديدة ، أو ما يسمى بـ "المنطق الجديد". كان هناك أيضًا مفخرة كبيرة بأن تنتمي إلى الثقافة الأوروبية ، على الرغم من الاختلافات بين الدول ، فإن شعوب أوروبا إشتركت بالفعل في هوية جامعة وتراث ثقافي موحد (على الرغم من أن روح الحملات الصليبية دمجت في القيم الفروسية التي وسعت الهوة بين أولئك الذين إنتموا وأولئك الذين لم ينتموا إلى طبقة الفرسان ، أما الوجه الآخر "للعملة الثقافية" هو الزيادة في مستوى رهاب الأجانب. فتجلى التعصب الديني في نواح عديد ، ولكن التجلي الأكثر وحشية قد تمثل في حملات ممنهجة من المذابح ضد اليهود (لا سيما في شمال فرنسا وبلاد الراين في ألمانيا بين عامي 1096-1097 م) ، والهجمات العنيفة التي شنت الوثنيين والمنشقين عن الكنيسة الكاثوليكية والمهرطقين في جميع أنحاء أوروبا.
زاد التواصل التجاري بين عوالم الشرق والغرب بشكل كبير، فدخلت السلع الغريبة التي لم تعهدها أوروبا من قبل ، مثل التوابل (خاصة الفلفل والقرفة) والسكر والتمر والفستق والبطيخ والليمون. كما دخلت أيضًا الملابس القطنية والقماش والسجاد العجمي والملابس الشرقية. إزدادت المدن الإيطالية مثل البندقية وجنوة وبيزا الإيطالية ثراءً من خلال سيطرتها على طرق التجارة في كل من بيزنطية والشرق الأوسط ، بالإضافة إلى الأموال الضخمة التي جنوها من نقل الجيوش الصليبية وطرق الإمداد، على الرغم من حقيقة أن التجارة كانت آخذة في النمو في حوض المتوسط قبل الحملات الصليبية، لكن الحملات أضافت إليها عامل السرعة وساهمت في رفع وتيرتها ، أصبح السفر أكثر شيوعًا ، واتخذ بدايةً طابع الحج إلى الأراضي المقدسة ، ثم برزت رغبة ضخمة للإطلاع على مغامرات الحج والسفر إلى الأراضي المقدسة التي نشر الكثير عن تفاصيلها وقصصها. بدأت عصور الاستكشافات البحرية التي أدت إلى إكتشاف عالم جديدة قائم بحد ذاته ، وهنا أيضًا ، تم تطبيق مفهوم "الحملة الصليبية" ضد "الوثنييين" مرة أخرى. بحيث إدعى هيرنان كورتيس الإسباني ، فاتح إمبراطورية الأزتيك ، أن أتباعه كانوا "جنودًا للمسيح - milites Christi " ، مكلفين بحربًا مقدسة - guerra santa".
في العصر الحديث
ألقت تبعات الحروب الصليبية بثقلها لفترة طويلة من الزمن ، بدءً بالأعمال الأدبية والفنية وحتى الحروب التي إستحضرت مشاهد مروعة من هذه الحروب وذَكرت بقيمها ونجاحاتها وأهوالها في الأراضي المقدسة في القرن 21 م. كانت هناك عملية معقدة من مفهوم عبادة الشخصية أو عبادة الأبطال ، حتى في العصور الوسطى ، شخصيات ، مثل صلاح الدين ، وريتشارد قلب الأسد ، حصلت على الكثير من الإشادة والتقدير ، ليس فقط بسبب إمتلاكها للمهارات القتالية العالية ، بل بسبب إستحواذها على قيم الفروسية ونبالة الفرسان. بعد حركة الإصلاح الديني ، حدث العكس ، فقد برزت محاولات تغطية الإرث المخجل للحروب الصليبية " ووضعه تحت بساط التاريخ " بإعتباره إرثًا وحشيًا وغير مرغوب فيه من الماضي الأوروبي البعيد ، والذي ، من الأفضل وضعه في أدراج النسيان ، ومحوه من الذاكرة الجماعية الأوروبية.
إلا أن القرن 19 م شهد عودة إهتمام الغرب بالإرث الصليبي على عدة أصعدة ، فقد قدم السير والتر سكوت رائعته الأدبية ، التعويذة (1825 م) التي تناولت تفاصيل العلاقة بين صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد. وأمر ملك فرنسا لويس فيليب الاول ، عام 1843 م ، ببناء حجرة ضخمة خاصة بالحروب الصليبية في متحف اللوفر في باريس " Salles des Croisades" ، بالوقت التي كانت فيها فرنسا تضج بالحماسة لماضيها التاريخ ، وخصوصًا ماضيها الصليبي. ومع إحتلال الحلفاء لفلسطين في الحرب العالمية الأولى عام 1918 م ، بدا وكأن أشباح الماضي الصليبي عادت لتطارد الحاضر بأشكال متعددة منها ، الدعاية والخطابة والرسوم الكاريكاتورية. وبحلول الحرب العالمية الثانية ، جُرد مصطلح "الحملة الصليبية" من أبعاده الديني وتم تطبيقه على الحملات ضد ألمانيا النازية ، حتى أن الجنرال أيزنهاور ، القائد الأمريكي العام لقوات الحلفاء ، أعطى لروايته عام 1948 م عن تفاصيل الحملة العسكرية عنوان "حملة صليبية في أوروبا" ، يحمل مصطلح "حرب صليبية" اليوم ، إذا جرد من أبعاده الدينية ، معنىً مغاير ، ويعني شن حملة نشطة بهدف التغيير السياسي أو الاجتماعي أو الديني.
في الآونة الأخيرة ، وفي خضم الحرب على الإرهاب في القرن 21 م ، تم التعبير عن أدبيات هذه الحرب ، بإستخدام نفس أدبيات الحروب الصليبية ، ويُعد تصريح الرئيس الأميركي جورج بوش في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر 2001 م خيرُ دليلٍ على ذلك. ومع صعود القومية العربية ، والجدل الدائر حول موقف وصلاحية دولة إسرائيل ، واستمرار سياسات التدخل للقوى الغربية في شؤون دول الشرق الأوسط ، اختلطت الأهداف العلمانية للسيطرة على الأراضي والهيمنة الاقتصادية ، وتداخلت مع الإنقسام الديني ، بحيث شاع مجددًا إستخدام مصطلحات "الحملة الصليبية" و "المسيحي" و "المسلم" و "الجهاد" في كل من عوالم الشرق والغرب ، مع العلم بأن إستخدامها يشي بكثير من الجهل والتحيز ، وتصبو هذه المسميات إلى ملائمة أهداف ونوايا الذين يسعون جاهدين لإستغلال التاريخ بدلاً من التعلم منه.