تُروى قصة ميلاد يسوع الناصري في إنجيلي متى ولوقا، وفي اللاهوت المسيحي، حيث يقدم وجود روايتين للميلاد من قبل كاتبين مختلفين برهان كتابي على تاريخية الحدث، ومع ذلك، تختلف الروايتان في التفاصيل، فلدى متى النجم والمجوس، في حين لدى لوقا الإسطبل والملائكة في الحقل. يحتفل المسيحيون بقصة ميلاد يسوع المسيح في عطلة عيد الميلاد.
يظهر اختلاف الروايتين صورتين ووظيفتين مختلفتين ليسوع، حيث تستمر قصص الميلاد في البداية بالتأثير على نشاط يسوع ووظيفته في خدمة كل منهما. لا توجد قصة ميلاد في الإنجيل الأول، إنجيل مرقس (حوالي 70 م)، حيث يدخل مرقص في صميم الموضوع وبدأ إنجيله بيسوع البالغ وخدمته في الناصرة:
"وَلَمَّا كَانَ السَّبْتُ، ابْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ. وَكَثِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا بُهِتُوا قَائِلِينَ: «مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ؟ وَمَا هذِهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى يَدَيْهِ قُوَّاتٌ مِثْلُ هذِهِ؟ أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَخُو يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ ههُنَا عِنْدَنَا؟» فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ." (مرقس 6: 2-3)
فهمت المسيحية المبكرة أن الإخوة الأشقاء وُلدوا بعد ميلاد يسوع.
تنبأ أنبياء إسرائيل بأن الله سيقيم مسيحًا ("الممسوح بالزيت المقدس") من نسل داود الملك، وسيعلن ملكوت الله على الأرض. أعلن يسوع عن اقتراب ملكوت الله في خدمته، ولكن مرت عقود ولم يظهر الملكوت. كان السبب الأكثر ترجيحًا لقصص الميلاد هو إقناع الآخرين أنه بالرغم من تأخر الملكوت، كان يسوع هو المسيح الذي وعد به الأنبياء. أدرج كل من متى ولوقا باستمرار إشارات إلى الأنبياء.
الناصرة أم بيت لحم
كانت أول مشكلة في المصادر الأولى هي عدم وجود تفاصيل محددة في أسفار الأنبياء عن هذا المسيح المنتظر، وبسبب كثرة الأسماء الشائعة، غالبًا ما يوصف الأفراد باسم بلدتهم أو مدينتهم. كان مرقس أول من كتب: "جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ" (مرقس 1: 9)، فلم يكن معروفًا باسم "يسوع من بيت لحم".
بالرغم من العثور على مستوطنة قديمة، إلا أن الناصرة لم تصبح كبيرة أو ذات أهمية حتى الحِقْبَة الهلنستية اللاحقة وما بعدها، ولذلك لم يذكرها الأنبياء، لكن أحد الأنبياء، وهو ميخا، كتب:
"اَلآنَ تَتَجَيَّشِينَ يَا بِنْتَ الْجُيُوشِ. قَدْ أَقَامَ عَلَيْنَا مِتْرَسَةً. يَضْرِبُونَ قَاضِيَ إِسْرَائِيلَ بِقَضِيبٍ عَلَى خَدِّهِ.«أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ».لِذلِكَ يُسَلِّمُهُمْ إِلَى حِينَمَا تَكُونُ قَدْ وَلَدَتْ وَالِدَةٌ، ثُمَّ تَرْجعُ بَقِيَّةُ إِخْوَتِهِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ." (ميخا 5: 1-3)
عُرفت بيت لحم باسم "مَدِينَةِ دَاوُدَ" (لوقا 2: 11)، بسبب مسح النبي صموئيل له بالزيت (1 صموئيل 16)، ونشاطه اللاحق هناك، لهذا السبب يضع كل من متى ولوقا ميلاد يسوع في بيت لحم.
افتتح متى إنجيله بسلاسل أنساب يسوع (في محاكاة لسفر التكوين)، بدءًا من الجَدّ المؤسس إبراهيم، أما لوقا فعكس الترتيب بالبدء بيسوع وصولًا إلى آدم. كان الغرض من سلسلة الأنساب هو إظهار أن يسوع كان له تقليد الأسلاف الضروري (بصفته عضو كامل في بني إسرائيل) بالإضافة إلى النسب الحرفي من الملك داود، وكلاهما يدرجان يُوسُف في سلسلة الأنساب.
كانت هناك قناعة مشتركة في العالم القديم، وهي الافتراض بأن الرجال العظام كان لديهم نذر وأحلام تحيط بولادتهم، وشكل من أشكال التدخل أو المشاركة الإلهية، وكانت الطريقة الشائعة لوصف ذلك هي أن الإله كان يمارس الجنس حرفيًا مع امرأة بشرية أو تشبيهًا باستحواذ إله عليها. كانت هناك قصص معاصرة تقول إن والدة أوغسطس زارها الإله أبولو وجعلها حُبلى.
موسي الجديد في إنجيل متي
قال موسي عن المستقبل في خطابه الوداعي للشعب،: "«يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ." (تثنية 18: 15). قدم متى يسوع على أنه هذا النبي "موسي الجديد" من خلال التلميح باستمرار إلى تقاليد موسى في قصة سفر الخروج، فتلقي يُوسُف النجار كل معلوماته من الملائكة في الأحلام، مذكّرًا بيُوسُف بن يعقوب في سفر الخروج الذي كان مفسرًا للأحلام. يتضمن الإنجيل من الناحية الهيكلية، سلسلة من خمس لوحات تعليمية؛ التوراة تعني "التعليم" (تعليم موسى)، مما يعكس التقليد القائل بأن الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس كتبها موسى. تجري العديد من تعاليم يسوع على قمة جبل، حيث يكون الموضوع هو شريعة موسى (رمزًا لجبل سيناء).
تحدث قصة متى عن الولادة خلف الستار، مع القليل من التفاصيل:
"أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا. وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (متى 1: 18-20)
يختلط الأمر على القراء أحيانًا حين الإشارة إلى الطلاق، لأنهم لم يكونوا تزوجوا بعد. كان كل من الخِطْبَة والزواج يتم عن طريق عقد قانوني، ولإبطال العقد الأصلي، كان لا بد من عقد آخر هو عقد الطلاق.
لم يكن "الروح القدس" في تلك المرحلة هو الكيان الثالث لما أصبح الثالوث بعد مجمع نيقية الأول عام 325 م، بل هو إشارة إلى "روح الله" الذي كان يحرك آدم عندما "نَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً." (تكوين 2: 7).
يكمل متى قصة الميلاد:
"وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ. وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ." (إنجيل متى 1: 22-25)
يشتهر هذا المقطع بقضايا التَّرْجَمَةً بين العبرية واليونانية، والتي أثبتت بتولية مريم أم يسوع. تُرجمت التوراة إلى اليونانية في الإسكندرية بمصر، حوالي 200 ق.م. عُرفت هذه التَّرْجَمَةً بالسبعينية، وهي نسخة الكتاب المقدس التي استخدمها كتبة الإنجيل، ومع ذلك، فهي تحتوي على عدة ترجمات غير متقنة.
انتقل متى إلى إشعياء 7. كان أشعياء نبيًا خلال الغزو الآشوري عام 722 ق.م، حين كان آحاز ملكًا شريرًا على يهوذا (حكم 732-716 ق.م). قال له الله أن يطلب آية، لكنه رفض: "وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»." (إشعياء 7: 14). إن كلمة "עַלְמָה" العبرية، التي تُرجمت هنا إلى "امرأة شابة" تشير إلى الفتاة التي تجاوزت سن البلوغ، ومستعدة للإنجاب، أما في ترجمتها إلى اليونانية، أصبحت "παρθένος" أي "عذراء".
المجوس
"وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ." (متى 2: 1-3)
رد مستشارو هيرودس بنفس الاقتباس من ميخا، حيث طلب منهم هيرودس أن يبلغوه إذا وجدوا الطفل. كان المجوس علماء فلك البلاط (وليسوا ملوكًا، على الرغم من ترنيمة عيد الميلاد) في جميع أنحاء الشرق، ولكن المجوس كان اسم فارسي (يعنى "الأقوياء")، وباعتبارهم منجمين خبراء، كان يُنظر إليهم على أنهم يعرفون جوانب الطبيعة التي يمكن التلاعب بها، ومن هنا جاء المصطلح اللاحق، "السحر\magic" بالإنجليزية، المشتق من الكلمة، والتي تعني استخدام هذه المعرفة في الخير أو الشر.
"فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ." (متى 2: 10-12)
إن رمزية "النجم" تأتي من سطر في سفر العدد، "يَبْرُزُ كَوْكَبٌ مِنْ يَعْقُوبَ" (٢٤: ١٧)، وكانت هدايا الذهب واللبان والمر لا تُقدَّم إلا للملوك، أي أنها كانت تستبق مَلَكِيَّة يسوع في ملكوت الله. لقد حُذِّروا في الحلم من إبلاغ هيرودس. كانت الوظيفة السردية للمجوس هي إظهار أن الأمم كانوا أول من أدركوا أن "اَللهُ مَعَنَا" في هذا الطفل (عمانوئيل، من إشعياء 7)، وبالتالي يستحق العبادة، يبدو أن في وقت إنجيل متّى، كان عدد الأمم في الحركة أكثر من اليهود. أكدت قصة المجوس إشراك الله للأمم في الخلاص.
مذبحة الأبرياء
أمر هيرودس وفقًا لمتى، بقتل جماعي لجميع الأولاد البالغين من العمر سنتين فمَا دون ذلك في مدينة بيت لحم، وهذا ما جعل القصة تتماشى عمدًا مع قصة فرعون مصر وأمره بقتل الأطفال الذكور. هل فعل هيرودس هذا؟ بصفته الملك الأكثر كراهيَة في التاريخ اليهودي، فمن المؤكد أن شخصًا ما كان سيكتب ملاحظة عن هذه المذبحة. نحن نعرف عن هيرودس الكبير (حكم من 37 إلى 4 ق.م) أكثر من أي شخصية قديمة أخرى بسبب كاتب البلاط الذي كتب عن فترة حكمه في 20 مجلدًا. لم نعثر على أي أثر معاصر يشير إلى أن هيرودس الكبير كان يعرف أي شيء عن يسوع أو أنه أمر بارتكاب مذبحة، ولكن، بعد 85 سنة من موت هيرودس، يمكن لمتى أن يروج لهذه الفكرة لأن هيرودس كان مشهورًا بقتل أبنائه الذين شاركوا في التمرد ضده.
حُذِّر يُوسُف النجار في حلم من أخذ العائلة والذهاب إلى مصر، وأثناء وجوده هناك، علم في حلم آخر أن هيرودس مات، ومع ذلك، خاف يُوسُف من العيش تحت حكم "ابن هيرودس" الذي يحكم اليهودية الآن، فانتقلت العائلة إلى الناصرة، محققين ما زعم متى أنه من العهد القديم "سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا" (متى 2: 23) لا يوجد مثل هذا التنبؤ من الأنبياء، تجاهل متى ببساطة حقيقة أن الناصرة كان يحكمها ابن آخر لهيرودس، وهو أنتيباس.
حدد علماء الفلك المعاصرون اقتران الكواكب الذي كان من الممكن أن ينتج عنه "نجم ساطع" في عام 6 ق.م. إن التاريخ التقليدي لميلاد متى هو في نطاق 6 ق.م إلى 4 ق.م، بافتراض أن يسوع كان عمره عامين وقت صدور المرسوم الهيرودي المزعوم الذي صدر قبل موت هيرودس مباشرة.
الميلاد وفقًا لإنجيل لوقا
حوي العهد القديم قصصًا كثيرة عن الله أو ملاك "يبشر" بولادة ابن لامرأة (هو دائمًا ابن) سيصبح شخصًا عظيمًا في إسرائيل وأداة لإرادة الله:
" وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ» فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ." (لوقا 1: 26-33؛ 38)
استخدم لوقا تسجيل الإحصاء الروماني ليأتي بيُوسُف ومريم إلى بيت لحم، في حين ادعى متى أن العائلة كانت تعيش في الأصل في بيت لحم في بيت عادي ثم انتقلت فيمَا بعد إلى الناصرة.
"وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ." (لوقا 2: 1-7)
يمكن أن يعني المصطلح اليوناني المترجم إلى "غرفة الضيوف" هنا "المَبِيت" أو "الغرفة العلوية" ("نُزُل" في نسخة الملك جيمس). كانت محطات الطريق في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية تحتوي على أماكن نوم مشتركة تشبه المبيت في الطابق الثاني، وكانت الحيوانات تبيت ليلًا في الطابق الأول. إن الإجماع في هذا المقطع هو أن يُوسُف ومريم كانا ينامان مع الحيوانات، لعدم وجود مكان في الطابق العلوي على ما يبدو، ومن هنا جاء الادعاء بأن يسوع "وُلِدَ في الإسطبل". كان "الْمِذْوَدِ" مجرد حوض إطعام. عادت العائلة ببساطة بعد الولادة، إلى الناصرة.
كان إحصاء لوقا موضع لكثير من الجدل. ليس لدينا أي دليل معاصر على أن أوغسطس (حكم من 27 ق.م. إلى 14 م) أمر بمثل هذا المرسوم "بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ"، وإذا كان على الجميع في الإمبراطورية أن يتركوا مزارعهم ووظائفهم ويعودوا إلى المدينة التي ولدوا فيها، فإن الاضطراب الاقتصادي كان سيكون مذهلًا.
لكن هناك شيء من المصداقية يتعلق بذكر لوقا لحاكم سوريا كويرينيوس، فعندما يُعيّن مجلس الشيوخ الروماني حاكمًا جديدًا في المقاطعات، كان يُجري إحصاء محلي لتحديد حالة المواطنة الرومانية وللتنبؤ بدقة بدخل قوائم الضرائب، ونعلم من المصادر اليهودية والرومانية أن كويرينيوس عُين في عام 6 م، وأسفر إحصاءه عن ثورة ضريبية فاشلة قام بها بعض اليهود بقيادة يهوذا الجليلي، ربما كان أحد أغراض لوقا في هذه القصة هو تسليط الضوء على عائلة يسوع، ليس فقط بصفتهم يهود أتقياء بل بصفتهم مواطنين صالحين في روما.
إذا أخذنا إنجيلَي متى ولوقا معًا، فإن أقرب ما يمكننا الوصول إليه من تاريخ دقيق لميلاد يسوع، يتراوح بين 6 ق.م (قبل موت هيرودس بسنتين) و6 م.
صوّر لوقا أيضًا يسوع بعناصر "موسى الجديد"، حيث لديه تعاليم مشابهة لتعاليم متى عن الخدمة، لكن الصورة العامة التي رسمها لوقا ليسوع ووظيفته، هو عبد الله المتواضع، المولود في اتضاع. أعلن الملاك أولًا في لوقا، ولادة يسوع للرعاة في حقولهم. كان الرعاة أعلى بدرجة واحدة فقط من العبيد، المتواضعين حقًا. لا توجد قصة المجوس والعطايا الملكية. يجادل لوقا باستمرار على طول إنجيله وأعمال الرسل، أن مَلَكِيَّة يسوع لم تكن سياسية، ولم تكن تحديًا لروما.
تجدر الإشارة أن يسوع في إنجيل لوقا خاطب الفقراء والمنبوذين في المجتمع والمعاقين أكثر من أي إنجيل آخر. انفرد لوقا بتقديم أمثال إضافية كأمثلة يومية تقود إلى الفداء مثل: الخَرُوف الضَّالَّ، الدِّرْهَمَ الضائع، والابن الضَّالَّ.
كان الاحتفال بعيد القيامة (الذي أصبح عيد الفصح) في القرون الأولى للمسيحية، هو الاحتفال الأكثر أهمية، يُنسب الفضل لقسطنطين بعد اعتناقه المسيحية في عام 312 م، في الاحتفال بعيد الميلاد في 25 ديسمبر بحلول عام 326 م، تزامن ذلك مع الاحتفال بإله الشمس، "الشمس التي لا تقهر"، ووضعه ضمن عطلة عيد الساتورناليا التي كانت تستمر أسبوعًا. يشير المؤرخون باستمرار إلى أن شهر كانون الأول/ديسمبر كان فصل الشتاء الممطر في اليهودية، فلم تكن هناك إمكانية كبيرة لرصد النجوم أو خروج الرعاة ليلًا تحت المطر.
ذهبت هيلانة القسطنطينية والدة قسطنطين، في رحلة حج إلى اليهودية، في عام 326 م، وادعت رؤى أخبرتها بمواقع صُلْب يسوع ومهده. قام قسطنطين ببناء الكنائس الكبرى في هذه المواقع، التي كانت مقصدًا مستمرًا للحج المسيحي، لكن الصروح الموجودة اليوم بُنيت فوق المواقع السابقة خلال الزمن الصليبي، وبدءًا من الحفائر التي بدأت في ثمانينيات القرن التاسع عشر، يمكن للحجاج التجول فيمَا حُدِدَ على أنه بيت من القرن الأول، والمعروف الآن باسم بيت مريم ويُوسُف في مدينة الناصرة.