حياة يسوع الناصري وفقاً للأناجيل

مقال

Rebecca Denova
بواسطة ، تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael
نُشر في 26 November 2013
متوفر بلغات أخرى: الإنجليزية, الفرنسية, أسباني
استمع إلى هذه المقالة
X
طباعة المقالة

تُعد الأناجيل الكنسية (أو الأناجيل التي ضُمنت في النسخة المعتمدة من العهد الجديد) المصادر الوحيدة لحياة يسوع الناصري، وليس لدينا شهادة شهود عيان معاصرين من الوقت الذي عاش ووعظ فيه يسوع في إسرائيل، في حين كُتِبَ أول إنجيل، مرقس، في عام 65 أو 70 م تقريبًا، تلاه متى ولوقا ويوحنا. تُعد رسائل بولس، أقدم دليل على الحركة المسيحية، حيث كتبت في الخمسينيات والستينيات من القرن الأول الميلادي ولكنها تحتوي على القليل جدًا عن "يسوع التاريخي". هذا ملخص للأحداث المذكورة في الأناجيل الأربعة:

بدأ واعظ متجول يُعرف باسم يسوع، يحاكي أسلوب أنبياء إسرائيل القديمة، في وقت ما خلال عشرينات القرن الأول، يخاطب الحشود في بلده، وخاصة منطقة الجليل في شمال إسرائيل، ربما كان يسوع ضمن المجموعة المرتبطة بمصلح ديني مشهور آخر يعرف باسم يوحنا المعمدان ويبدو أنه تولى نفس الرسالة بعد وفاة يوحنا. كانت رسالته الأساسية: "تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ." ما قصده بهذا هو أن الرب سيتدخل قريبًا مرة أخيرة في التاريخ ويعيد أمة إسرائيل التي سيعيش شعبها في مملكة مثالية، على الأرض، كما قصد الرب في الأصل قبل "السقوط" في جنة عدن (انظر سفر التكوين)، يظهر جلياً في الأناجيل الثلاثة الأولى (مرقس ومتى ولوقا) أن طريقة يسوع المفضلة في التبشير كانت استخدام "المثل"، وهي قصة قصيرة بليغة تستخدم مواقف وشخصيات بسيطة لتوضيح ما هو أسمي، كالمفاهيم التجريدية مثل المغفرة أو الإيثار أو علاقة المرء بالرب.

The Last Supper
العشاء الأخير
Escarlati (Public Domain)

لُوحِظَ في إنجيل مرقس، -أقدم الأناجيل- قيام يسوع بالمعجزات مثل: علاج الأمراض، وإقامة الناس من الموت، وطرد الأرواح الشريرة، أو استخراج "الشياطين"، وغيرها من الأعمال التي تبدو إعجازية مثل تضاعف الأرغفة والأسماك بين يديه والمشي على الماء، جمع حوله اثني عشر تلميذاً (الحواريين)، إشارة إلى (أسباط إسرائيل الاثني عشر). يذكر مَرقُس المضايقات والاضطهادات المستمرة التي تعرض لها يسوع خلال تبشيره في القري، من قبل مجموعات معينة من اليهود، وبالتحديد الفريسيون والكتبة، وفي النهاية الصدوقيين. كانت المجموعة الأخيرة مسؤولة إلى حد كبير عن حفظ وصيانة الهيكل في القدس. اتهم الفريسيون في الأناجيل يسوع باستمرار "بانتهاك شريعة موسى"، لكن كتّاب الإنجيل ينكرون هذا محددين أنه تحدى عادات اليهود، زاعمين أنه قدم فقط ما فهموه على أنه التفسير "الحقيقي" لهذه القوانين والتقاليد المرتبطة بها.

يقضي يسوع معظم وقته وفقاً لمَرقُس ومتى ولوقا، في التنقل حول الجليل، ثم يقوم برحلة أخيرة إلى مدينة القدس خلال عطلة الفصح (عندما كان من المتوقع أن يحاول جميع اليهود القيام بالحج إلى مدينة)، بينما في يوحنا، قام يسوع بعدة رحلات إلى أورشليم خلال خدمته.

تبدأ القصة بدخول يسوع المدينة، حيث الجموع تلوح له بسعف النخيل للترحيب به، وإعلانه "المسيح" أو "الممسوح بالزيت المقدس"

تبدأ القصة بدخول يسوع المدينة، حيث الجموع تلوح له بسعف النخيل للترحيب به، وإعلانه "المسيح" أو "الممسوح بالزيت المقدس". يوضح كتاب الأناجيل هذا المشهد مفسرين أن الجمهور أشاد بيسوع باعتباره من سلالة الملك داود، وبذلك أضافوا عنصرًا سياسيًا إلى خدمة يسوع كما يتضح من اللقب الذي منحوه إياه وهو "ملك اليهود". يمثل هذا الحدث ودخوله المظفّر إلى القدس، أساس للاحتفال المسيحي بـ "أحد الشعانين"، قبل أسبوع من عيد الفصح. يبدأ المشهد الثاني بدخول يسوع المدينة، حيث ذهب إلى الفناء الخارجي للهيكل وطرد الرجال الذين كانوا يبيعون الذبائح، وكذلك الرجال المسؤولين عن موائد الصرافة مدعيا، " مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!". يري لمرقس، أن هذه الحادثة هي التي أدت مباشرة إلى موت يسوع.

تتواصل الأحداث حيث يحتفل يسوع وتلاميذه بعشاء عيد الفصح مساء الخميس وفقاً لــ (مرقس ومتى ولوقا)، أو وجبة بسيطة مساء الأربعاء وفقاً لــ(يوحنا)، حيث تقام الطقوس المعروفة باسم "العشاء الأخير"، حيث سيصبح هذا الحدث فيما بعد أساس الاحتفال المسيحي بـ "الإفخارستيا" أو عشاء الشركة من خلال رسائل بولس. تنبأ يسوع، للمرة الثالثة أو الرابعة، بموته، لكنه ادعى أنه سيتغلب على الموت، عندما يتولى "الملكوت" السيطرة. ذهب يسوع هو وأتباعه بعد العشاء، إلى جبل الزيتون، حيث معصرة زيت الزيتون المعروفة باسم "جثسيماني"، ويصلي يسوع أن يجنبه الرب عذابه الوشيك وموته، والغريب أن الأناجيل لا تسجل أي إجابة من الرب لصلوات يسوع وهو مقبل بمحض إرادته لمصيره المحتوم.

Mosaic Floor from a Villa at Hinton St. Mary
فسيفساء أرضية من فيلا في هينتون سانت ماري
Osama Shukir Muhammed Amin (Copyright)

تزداد الدراما حين يخون يهوذا أحد تلاميذ يسوع بإخبار الكهنة / القائمين على الهيكل / أو الرومان (حسب الإنجيل الذي يقرأه المرء) أين سيكون ذلك المساء ويُقبض عليه ويصحبوه إما إلى اجتماع مجلس المدينة اليهودي بأكمله، أو إلى منزل رئيس الكهنة بحسب (يوحنا)، ويتبع ذلك "محاكمة" مربكة للغاية، حيث التهم غير الواضحة (وهناك تباين في عدد المحاكمات ومكانها)، حيث نجد أخيرًا، في مَرقُس، رئيس الكهنة يسأل يسوع عما إذا كان هو "المبارك" (أي "المسيح"). يصمت يسوع حتى هذه اللحظة في مَرقُس، ثم يجيب بأنه "ابن الإنسان"، الذي يعتقد التقليد أنه سيدين البشرية في "الأيام الأخيرة"، أو في الوقت الذي يسبق "الملكوت" مباشراً، وهنا يدعي رئيس الكهنة أنه قد ارتكب تهمة الكفر، وحُكم عليه بالإعدام.

لم يستطع المجلس اليهودي تنفيذ حكم الإعدام في القرن الأول الميلادي، (لعدم امتلاكهم السلطة القانونية) ولهذا قيل لنا أن يسوع أُرسل إلى بيلاطس البنطي، الحاكم الإقليمي من روما لمقاطعة يهودا التي تضمنت القدس. تُصور الأناجيل بيلاطس على أنه حاكم ضعيف لا حول له ولا قوة ومستسلم لليهود فحكم على دانأدانيسوع بالموت بالصلب (العقوبة الرومانية للخيانة التي نُفِّذت بسبب الادعاء بأن يسوع كان "ملك اليهود")، تصل الأحداث إلي ذروتها حيث يُجلد يسوع ويُرسل بصليبه إلى مكان الإعدام خارج أسوار المدينة، وفقًا لمرقس، ويتخلى عنه جميع تلاميذه الذكور، ويشهد على صلبه النساء، حيث استغرق يسوع حوالي ثلاث أو أربع ساعات ليموت. كان هذا في يوم جمعة، ويبدأ غروب الشمس يوم الجمعة "السبت"، أو يوم الراحة اليهودي. رُوِيت محاولة مستعجلة بعد وفاة يسوع، لإنزال الجسد من على الصليب وتجهيزه للدفن قبل غروب الشمس لأن التقليد الديني اعتبر أنه لا يمكن للمرء أن يقوم بمثل هذه المهام في يوم السبت.

لأن يوم السبت كان يوم مقدس عند اليهود، لا يمكن لأحد زيارة القبر لإكمال طقوس الجنازة (الدهن بالزيت، إلخ)، لذا جاءت النساء صباح الأحد إلى القبر لإنهاء الطقوس. تجد النساء وفقًا لمرقس، القبر فارغًا، لكن في الأناجيل الأخرى يخبرهن ملاك أن يسوع قد قام من بين الأموات وأن عليهن أن يأمرن الجميع بمقابلته في الجليل. لا يوجد مشهد قيامة في إنجيل مَرقُس (نهايته الأصلية هي قبر فارغ) في حين أن متي ولوقا لهما ظهورات فعلية للقيامة على يد يسوع ويضيف يوحنا العديد من هذه المظاهر إلى القصة، وهي الأساس للعطلة المسيحية المعروفة باسم "أحد الفصح" "عيد الفصح" وهو مصطلح مشتق من اللغة التيوتونية في أوروبا، والتي تشير إلى إلهة الخصوبة، "أوستر ".

Resurrection of Christ by Piero della Francesca
قيامة المسيح - بييرو ديلا فرانشيسكا
Piero della Francesca (CC BY-NC-SA)

أصبح صلب / قيامة المسيح أساس المفهوم المسيحي "للفداء"، أو المفهوم القائل بأن يسوع قدم حياته طوعاً حتى يمكن "خلاص" البشر. الفهم العام هو أن يسوع مات "ليخلصنا من خطايانا"، أو بعبارة أخرى بموته، يمكن للبشرية الآن أن تحقق "الغفران". لم يذكر مفهوم الفداء في حد ذاته في الأناجيل، فيزعم مرقس ومتى ولوقا أن يسوع مات من أجل "خطايا" البشر ولكن لم يحددوا في ماهية هذه الخطايا؛ يذكر يوحنا أن موت يسوع كان وسيلة لإيصاله "لبيته" إلى "الآب" [الرب]. يرجع الفضل إلي بولس الرسول في شرح وتطوير معني "الفداء" كما يفهم في المسيحية لأول مرة في رسالته إلى أهل رومية.

تضيف روايات متى ولوقا ما يُعرف بقصص "الميلاد"، أو تفاصيل ولادة يسوع في مدينة بيت لحم، بالرغم من غيابها في أول الأناجيل (مرقس). يشير متي إلي النجم الذي يرشد المجوس، أو "الحكماء"، من الشرق الذين يزورون المولود الجديد، بينما يضيف لوقا تفاصيل المذود (حوض تغذية للحيوانات) في إسطبل والرعاة في الحقول الذين أتوا لتمجيد الطفل، حيث دُمِجت هذه العناصر في العيد المسيحي المعروف باسم "عيد الميلاد". يقدم إنجيل يوحنا يسوع على أنه "logos" (الكلمة)، الذي يصبح تجسيدًا ماديًا للرب على الأرض (المفهوم المسيحي للتجسد) بينما تكون الأناجيل الأخرى أقل مباشرة في الادعاء بمكانة الرب يسوع. على الرغم من وجود العديد من الأناجيل الأخرى، إلا أن هذه الكتب الأربعة التي تفتتح العهد الجديد المسيحي هي الكتب الوحيدة المقبولة على أنها موحى بها من الرب والروايات الوحيدة التي ينظر إليها المسيحيون عالميًا على أنها تتعلق بالحقيقة فيما يتعلق بحياة يسوع المسيح وخدمته.

قائمة المصادر والمراجع

موسوعة التاريخ العالمي هي إحدى شركات Amazon Associate وتحصل على عمولة على مشتريات الكتب المؤهلة.

نبذة عن المترجم

Mahmoud Ismael
مدرس تاريخ مهتم بترجمة المقالات والأبحاث التاريخية.

نبذة عن الكاتب

Rebecca Denova
ريبيكا آي دينوفا، حاصلة على درجة الدكتوراه، أستاذة فخرية للمسيحية المبكرة في قسم الدراسات الدينية بجامعة بيتسبرغ. وقد أكملت مؤخرًا كتابًا دراسيًا بعنوان "أصول المسيحية والعهد الجديد" (وايلي بلاكويل)

استشهد بهذا العمل

نمط APA

Denova, R. (2013, November 26). حياة يسوع الناصري وفقاً للأناجيل [The Life of Jesus of Nazareth in the Gospels]. (M. Ismael, المترجم). World History Encyclopedia. تم استرجاعها من https://www.worldhistory.org/trans/ar/2-633/

أسلوب شيكاغو

Denova, Rebecca. "حياة يسوع الناصري وفقاً للأناجيل." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. آخر تعديل November 26, 2013. https://www.worldhistory.org/trans/ar/2-633/.

أسلوب إم إل إيه

Denova, Rebecca. "حياة يسوع الناصري وفقاً للأناجيل." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. World History Encyclopedia, 26 Nov 2013. الويب. 20 Nov 2024.